إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات لا
متناهية، تتصادم فيه المصالح وتتوقف فيه مؤسسات الدولة، يحمل القضاء أعباءً ثقيلة بسبب
القضايا المتراكمة التي تنتظر العدالة. حمل الرئيس العماد جوزاف عون رسائل واضحة للقضاة،
ومواقف مباشرة تجاه مسار القضاء ودوره في مكافحة الفساد، وذلك خلال زيارة إلى وزارة
العدل ومجلس القضاء الأعلى.
زيارةٌ لم تكن عابرة، بل حملت في مضامينها
أبعاداً سياسية وقضائية كبيرة، تعكس توجّه الرئاسة نحو ترسيخ سلطة العدالة كركيزة أساسية
في مشروع الإصلاح الوطني.
عند وصوله إلى وزارة العدل، كان في
استقباله وزير العدل عادل نصّار. بدأت الزيارة بلقاء في مكتب الوزير، تخلله عرض لمسار
العمل داخل الوزارة، وتقييم للواقع القضائي في المرحلة الراهنة.
أكد الرئيس عون في برسالة واضحة، توجه
فيها مباشرة إلى القضاة قائلاً: "احكموا بالعدل واستناداً إلى القوانين؛ فلا تبرّئوا
مجرماً، ولا تجرّموا بريئاً، ولا تخضعوا للضغوطات أو للترهيب." رسالة مُباشرة،
قاطعة، تُعيد رسم حدود العلاقة بين القضاء والسياسة، وتضع معياراً واضحاً: مصلحة لبنان
فوق كل اعتبار.
ومن وزارة العدل، إلى مجلس القضاء الأعلى،
حيث التقى الرئيس عون رئيس المجلس القاضي سهيل عبود، في لقاء كان بمثابة عرض واقع الحال
القضائي، وما يواجهه من عراقيل… وهنا شدد عون على ما وصفه بـ"ثقل المسؤولية"
الملقاة على عاتق القضاة، قائلاً:
"تطبيق القوانين يمنع التجاوزات،
ويكافح الفساد، ويحاسب المرتكبين. القضاء هو رأس سلطة المحاسبة… أعرف الصعوبات، لكن
الإرادة كفيلة بتذليلها."
كما طالب الرئيس عون بالإسراع في البتّ
بالقضايا الكبرى، وعلى رأسها انفجار المرفأ، قائلًا: "جرائم كهذه لا يمكن أن تُركن
في الأدراج، فلبنان والعالم ينتظران العدالة."
القاضي عبود أكد بدوره أن المجلس يسرّع
عملية إنجاز التشكيلات القضائية، لضمان استقلالية القضاء وإعادة التوازن إليه.
أما المحطة الثالثة فكانت في مكتب المدعي
العام التمييزي القاضي جمال الحجار، وآخر محطات الجولة كانت النيابة العامة المالية.
وأكد الرئيس أن رئاسة الجمهورية إلى
جانب القضاة، داعيًا إياهم للعمل وفق قناعاتهم وضميرهم.
تحمل زيارة رئيس الجمهورية إلى وزارة
العدل ومجلس القضاء الأعلى أبعادًا تتجاوز الإطار البروتوكولي، لتتحوّل إلى موقف سياسي
وقضائي واضح.
ففي ظل أزمة ثقة بين المواطنين ومؤسسات
الدولة، تأتي هذه الزيارة بمثابة إعادة تموضع للسلطة السياسية إلى جانب القضاء، لا
فوقه، مع تأكيد صارم على ضرورة استقلاليته، وتفعيل دوره في مكافحة الفساد.
زيارة الرئيس عون لم تكن مجرد جولة
تفقدية، بل جاءت بمثابة رسالة دعم معلنة للقضاء من أعلى سلطة في البلاد، وإشارة واضحة
إلى التزام رئاسة الجمهورية بمسار الإصلاح القضائي.
وبين السطور، كانت الزيارة بمثابة تثبيت
لمعادلة أساسية: لا إصلاح سياسي أو اقتصادي دون قضاء مستقل، قوي، وعادل.