إعداد:
أمل الزهران.
خاص: شبكة
الفجر.
بينما يستعد
المسلمون في أنحاء العالم لاستقبال عيد الأضحى المبارك، بفرحة تملأ الشوارع والبيوت،
يحل العيد هذا العام على سكان قطاع غزة وسط واحدة من أشد الحروب وأعنفها، ووسط واحدة
من أسوأ الكوارث الإنسانية، بفعل الحصار، والتجويع والتصعيد العسكري المتواصل.
وبينما تعمّ
مظاهر العيد العالم الإسلامي، تغيب كلياً عن شوارع غزة التي باتت منكوبة ومدمرة. لا
أسواق، ولا أضاحي، ولا مظاهر فرح، بل خيام تكتظ بالنازحين، وأطفالٌ أنهكهم الجوع، وأسرٌ
تبحث عن كيس طحين وسط المجاعة والحصار.
فمشهد العيد
غزة باختصار، هو عيد بلا أضاحٍ، بلا زينة، بلا أسواق، في واقع يملأه الدمار، وتطغى
عليه مشاهد الجوع والنزوح والوجع.
في الأعوام
السابقة، كانت أيام عيد الأضحى في قطاع غزة تتسم بطقوس دينية واجتماعية راسخة، أبرزها
ذبح الأضاحي، وتبادل الزيارات العائلية، وتوزيع اللحوم على الفقراء، وسط أجواء من التكافل
الاجتماعي غير أن هذه الطقوس غابت كلياً هذا العام.
فمنذ اندلاع
الحرب، توقّف دخول المواشي إلى غزة نتيجة الإغلاق الكامل للمعابر الحدودية، وتعرضت
المزارع للتدمير المباشر بفعل القصف، كما فقدت معظم العائلات القدرة على شراء الأضاحي
أو حتى تأمين الحد الأدنى من الغذاء.
وزادت الأوضاع سوءاً بعد فرض الاحتلال الإسرائيلي
حصاراً مشدداً في آذار الماضي، ما أعاق إدخال المواد الغذائية واللحوم، وأدى إلى تفاقم
الأزمة الغذائية بشكل غير مسبوق. كما بات سكان القطاع يواجهون أزمة غذائية حادّة، في
ظل انعدام الأمن الغذائي لسكان القطاع، وقد حذّرت منظمات أممية ودولية من مجاعة وشيكة.
ويمكن القول
بأن مشهد العيد في غزة مؤلم، فلم تعد الشوارع تُزيَّن كما في الأعوام السابقة، واختفت
الأصوات التي كانت تعكس أجواء الفرح والاحتفال. وتحوّلت الأحياء السكنية إلى ركام،
بينما تفوح رائحة البارود من أنقاض المنازل بدلاً من البخور والعطور.
أما الأسواق
التي كانت تشهد زحمةً في الأيام التي تسبق العيد، فإما دُمّرت بالكامل أو أُغلقت بسبب
غياب البضائع وانعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين.
ومع حلول العيد،
تغيب بالكامل مظاهر اللباس الجديد، والهدايا، والحلويات، إذ تعيش غالبية العائلات داخل
خيام نزوح تفتقر لأدنى مقومات الحياة. ومع إغلاق المعابر، وعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية،
والتصعيد العسكري الذي لم يتوقف، تتحول أيام العيد من مناسبة دينية واجتماعية إلى مجرد
أيام إضافية من المعاناة اليومية.
وبينما يعيش
العالم الإسلامي أجواء العيد في مظاهرها المألوفة من صلاة وأضاحٍ وزياراتٍ عائلية،
تبقى غزة خارج هذا المشهد. لا بهجة ولا أمل ظاهر، بل صمود في وجه الموت، وانتظارٌ لحلول
لم تأتِ.