تقارير خاصة

جلسة السراي: مزيج من التحديات والفرص لإعادة ترتيب الملفات!

امل الزهران - خاص الفجر

من السراي الحكومي في بيروت، وفي ظل أزمات متراكمة ومخاوف بيئية متصاعدة، عقد مجلس الوزراء جلسةً برئاسة الرئيس نواف سلام، وخرج بسلسلة مقرّرات تُعيد فتح النقاش حول السياسات العامة للدولة، لا سيّما في ملف النفايات، البند الأول... والأكثر إلحاحًا.

بعد جلسةٍ استمرت لساعات، أعلن وزير الإعلام بول مرقص، في مؤتمر صحافي، أبرز ما توصّل إليه المجلس من مقررات سياسية وبيئة وأمنية.

وفي هذا السياق عاد ملف النفايات ليفرض نفسه مجددًا كبند طارئ على طاولة مجلس الوزراء، بعدما بلغ مطمر الجديدة طاقته الاستيعابية القصوى، حيث أقرّت الحكومة توسيع مطمر الجديدة وإنشاء الخلية رقم 8، وذلك بالتوازي مع إحالة مشروع قانون إلى مجلس النواب لفتح الاعتمادات اللازمة للتمويل.

الوزير مرقص أوضح أن القرار يشمل استمرار استقبال النفايات في المطمر حتى نهاية العام 2026، أو إلى حين امتلاء قدرته الجديدة، على أن يُقفل نهائيًا بعد ذلك.

وإلى جانب ذلك، كلّف المجلس مجلس الإنماء والإعمار بإنشاء محطة لتوليد الكهرباء من النفايات، وهو ما يعكس توجّهًا نحو الطاقة البديلة وتحويل الأزمة إلى فرصة إنتاجية، رغم التحديات البيئية والفنية.كما منح المجلس بلدية الجديدة حق استثمار الطاقة الناتجة عن المحطة والمطمر، وفتح الباب أمام البلديات الأخرى للحصول على تراخيص لإنشاء معامل معالجة نفايات محلية، في إطار تشجيع الحلول اللامركزية المستدامة.

الجلسة، وإن خُصّصت للنفايات، لم تغفل الجوانب السياسية. إذ أعلن وزير الإعلام عن تكليف وزارة العدل دراسة الإجراءات القانونية الممكنة الواجب اتخاذها بعد الاعتداءات الصهيونيةالتي استهدفت الصحافيين اللبنانيين خلال الحرب الأخيرة، وهو ما يُشكل خطوة في سياق حماية الحريات الإعلامية وملاحقة الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.

وفي خطوة ثانية لافتة، أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون اقترحه الوزير مرقص، يقضي بإلزام المؤسسات العامة والمملوكة جزئيًا أو كليًا من الدولة، تخصيص نسبة من إعلاناتها لصالح وسائل الإعلام الرسمية، لا سيما تلفزيون لبنان.

القرارات الصادرة عن جلسة السراي، وإن عكست محاولة لإعادة الإمساك بالملفات الملحة، إلا أنها لا تزال تدور في دائرة المعالجات الجزئية، التي تهدئ الأزمة لكنها لا تُنهيها.

ولكن رغم ذلك فإن بعض مقررات الجلسة حملت مؤشرات إلى نية حكومية واضحة للانتقال من إدارة الأزمات إلى البحث عن حلول مستدامة. فالموافقة على إنشاء محطة لتوليد الكهرباء من النفايات، ومنح البلديات حق الاستثمار والمعالجة، يعكسان توجهًا عمليًا نحو الاستفادة من النفايات كمورد بدل أن تبقى عبئًا.

جلسة مجلس الوزراء الأخيرة رسمت معالم أولية لخطة أكثر شمولية، تجمع بين الحاجة إلى حل والمضي في خطوات إصلاحية طويلة الأمد. وإذا ما ترافقت هذه المقررات بالإرادة السياسية والمتابعة التنفيذية، فقد تشكّل بداية لمرحلة جديدة في إدارة الملفات الخدمية، وعلى رأسها ملف النفايات.
فلبنان لا يفتقر إلى الحلول، بل إلى الثبات عليها وتنفيذها.


 


جلسة السراي: مزيج من التحديات والفرص لإعادة ترتيب الملفات!