تقارير خاصة

تركيا: كاريكاتير مجلة ليمان يشعل موجة غضب شعبي ورسمي!

إعداد: أمل الزهران.

خاص: شبكة الفجر.

في تصعيد دراماتيكي هزّ المجتمع التركي، تحوّلت صفحات مجلة "ليمان" الساخرة إلى مسرح لغضب عارم، حيث تتواصل تبعات واحدة من أكثر الأزمات الإعلامية حساسية في المجتمع التركي، بعد أن أشعل رسم كاريكاتوري نُشر على غلاف مجلة "ليمان" التركية الساخرة موجة غضب شعبي ورسمي واسعة، وأدى إلى اعتقالات وملاحقات قانونية طالت رسام الكاريكاتير وفريق التحرير، وسط تشديد حكومي بأن "حرية التعبير تقف عند حدود المقدسات".

في التفاصيل، نُشر على غلاف المجلة رسم كاريكاتوري بتاريخ 26 يونيو، بدا فيه شخصيتان يُعرّفان نفسيهما بأنهما "محمد" و"موسى"، فوق مدينة تقصفها الصواريخ... فُسّر فورًا على أنه تجسيد للنبي محمد (ص) والنبي موسى (ع)، في مشهدٍ أثار موجة استنكار واسعة اجتاحت الشارع والدوائر الرسمية.

في مشهد اعتبرته السلطات التركية "إساءة علنية ومباشرة إلى القيم الدينية"، ما دفع إلى فتح تحقيق عاجل من قبل النيابة العامة في إسطنبول بتهمة "التحريض على الكراهية والإساءة العلنية للمعتقدات الدينية"، وفقًا للمادة 216 من قانون العقوبات التركي.

ردود الفعل لم تتأخر، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خرج عن صمته سريعاً، وندد بالحادثة بشدة، واصفاً الرسم بأنه "استفزاز حقير"، مؤكداً خلال خطاب بثه التلفزيون الرسمي قائلاً:

"لن نسمح لأيٍّ كان بالنيل من قيمنا المقدسة، ولن نغض الطرف عن إهانة نبينا والأنبياء الآخرين. سيحاسب كل من تجرأ على هذا الانحدار الأخلاقي أمام القانون التركي".

السلطات لم تكتفِ بالتصريحات، فخلال أقل من 24 ساعة أعلنت وزارة الداخلية اعتقال رسام الكاريكاتير، ومدير المجلة، ورئيس التحرير، ومصمم الغرافيك، ضمن عملية اعتقال ليلية تم توثيقها بالفيديو، أظهر الموقوفين وهم يُسحبون مكبلين على أدراج منازلهم.

التنديد الرسمي امتد ليشمل وزارة الخارجية، ورئاسة الشؤون الدينية، وحزب العدالة والتنمية، الذي اعتبر ما نشرته "ليمان" "جريمة كراهية متعمدة"، فيما أصدرت النيابة العامة في إسطنبول قراراً عاجلاً بجمع عدد المجلة من الأسواق، وبدأت إجراءات حظر حساباتها على وسائل التواصل.

الشارع التركي لم يكن أقل حدةً من الحكومة، فالشارع التركي انفجر، من تقسيم إلى شارع الاستقلال، خرجت حشود غاضبة تنادي بـ "إغلاق المجلة".

القانون يحمي حرية الصحافة ولكن عندما تتعدى الصحافة على القيم الدينية والمقدسات، هنا الموضوع يصبح مختلفاً تماماً. وهكذا، تعود تركيا إلى جدلٍ واسعٍ عندما تصطدم بما تعتبره "خطًا أحمر غير قابل للنقاش": القيم الدينية. وبذلك تؤكد أنقرة مجددًا أن لا حرية فوق الإيمان، ولا إبداع يبرر الإساءة، لا رسماً ولا كلمة.

وفي ظل هذا المشهد الجدلي والمعقد، قضية مجلة "ليمان" لم تعد مجرد حادثة إعلامية عابرة، بل تحوّلت إلى قضية رأي عام تتسم بضرورة الالتزام بالواجب في احترام المعتقدات والقيم الدينية التي تشكّل ركيزة أساسي في حياة الملايين.

 


تركيا: كاريكاتير مجلة ليمان يشعل موجة غضب شعبي ورسمي!