تقارير خاصة

بين الإهمال والتحذيرات...حوادث غرق متتالية في شواطئ لبنان!

إعداد: أمل الزهران.

خاص: شبكة الفجر.

من جديد، تعود المأساة لتتكرّر على الشواطئ اللبنانية، كلّ صيف، تتكرّر المأساة... وتُكتب الفاجعة من جديد على شواطئ لبنان. وجوهٌ ضاحكة تذهب لتتنفّس من ضيق الحياة، لتعود صوراً في الذاكرة... وقصة في خبر عاجل. في بلادٍ بات البحر فيها المتنفّس الوحيد للفقراء، تحوّلت السباحة إلى مجازفة، والنزهة إلى خطر، والمياه إلى فخّ قاتل.

وهذه المرة من مدينة الميناء في طرابلس، حيث خيم الحزن بعد وفاة الشاب محمد أحمد صوالحي إثر محاولته لإنقاذ أحد أطفاله من الغرق. محمد، قفز إلى البحر الهائج لينتشل طفله من الغرق، فأنقذ حياةً.. لكنه فارق الحياة.

رغم أن فرق الإسعاف وصلت بسرعة إلى الموقع، وقدّمت له الإسعافات الأولية ونقلته إلى المستشفى، فإن حالته كانت حرجة للغاية، ولم تفلح محاولات الأطباء في إنقاذه. المشهد المأساوي تكرّر في شمال لبنان أيضاً، توفيت طفلة تبلغ من العمر ست سنوات أثناء ممارستها السباحة على أحد شواطئ عكار. وقد تم نقلها إلى المستشفى فورًا، إلا أن محاولات إنقاذها باءت بالفشل.

حادثتان في أقل من 24 ساعة، فمع كل صيف، يفتح البحر ملفاً قديماً جديداً: الغرق في الشواطئ اللبنانية الشعبية، حيث تضعف إجراءات السلامة وتغيب الرقابة بشكل شبه تام. فالمسابح الشعبية، وهي المتنفس الوحيد للفقراء، تفتقر إلى أهم أسس الحماية: منقذون محترفون، إشارات تحذيرية، خطط طوارئ، وأبسط وسائل الإنقاذ.

إلى ذلك، أعلنت وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني عن إنقاذ خمسة أشخاص خلال اليومين الماضيين في ثلاث حوادث منفصلة، وقعت قبالة شواطئ جونية، البترون، والبربارة، حيث لا تزال عمليات البحث جارية عن أحد المفقودين.

وتأتي هذه الحوادث مع بداية موسم الصيف، في ظلّ ارتفاع الأمواج في معظم المناطق الساحلية اللبنانية، ووسط تحذيرات متكررة من الجهات المعنية من السباحة في الأماكن الخطرة أو غير المراقبة. واللافت أن هذه المآسي لا تحدث نتيجة الكوارث الطبيعية أو حوادث معقدة، بل بسبب الإهمال المزمن وغياب التنظيم.

الوضع في الشواطئ اللبنانية بات مأساوياً. بحسب تقرير صادر عن المجلس الوطني للبحوث العلمية للعام 2025، فإن 80% من الشواطئ الصالحة للسباحة تمّ الاستيلاء عليها من قبل أصحاب المنتجعات،

في هذا السياق، تدعو المديرية العامة للدفاع المدني جميع المواطنين والمقيمين إلى:

• عدم السباحة في الأماكن غير المأهولة أو البعيدة عن أنظار المنقذين.

• تجنّب السباحة عند ارتفاع الموج أو سوء الأحوال الجوية.

• مراقبة الأطفال باستمرار، وعدم السماح لهم بالسباحة دون إشراف.

• الامتناع عن السباحة بعد تناول الطعام.

• الاتصال الفوري على الرقم 125 في حال أي طارئ.

لكن الوعي وحده لا يكفي، إذ يجب وضع خطط سريعة للحدّ من هذه الظاهرة التي تحصد أرواح العديد من المواطنين. كل صيف.. أما المجتمع، فمسؤوليته أن يلتزم بالإرشادات ويتجنّب التهور، حفاظاً على أرواح أبنائه.

وإذا استمرّ الاستهتار، سيبقى موسم الصيف في لبنان موسمًا للحزن، بدلًا من الفرح.

من شاطئ الميناء إلى شواطئ عكار وجبيل والبترون... الوجع واحد: ضحايا كثر، وإجراءات قليلة. في لبنان، الغرق لم يعد قضاء وقدراً... بل نتيجة مباشرة لإهمالٍ وقصور في إدارة المرافق العامة.


بين الإهمال والتحذيرات...حوادث غرق متتالية في شواطئ لبنان!