إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
يعود الملف اللبناني بقوّة إلى دائرة
الاهتمام الدولي والإقليمي، بعدما ظلّ طوال الأشهر الماضية في هامش المشهد العربي المنشغل
بالتطورات المتسارعة في المنطقة. غير أنّ تصاعد التوتّر عند الحدود الجنوبية، وتزايد
المخاوف من عودة الحرب وتوسع العدوان، أعادا بيروت إلى قلب الاتصالات الدولية، التي
تشهد هذا الأسبوع حركة غير مسبوقة على المستويين الدبلوماسي والأمني.
فمن جهة، ومع وصول الموفدة الأميركية
مورغان أورتاغوس إلى بيروت، تبدأ سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، وفي طليعتهم
رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، وعدد من القادة الأمنيين
والعسكريين، حيث تُناقش ملفات ترتبط بعمل اللجنة الثلاثية في الناقورة، المعروفة بـ«الميكانيزم»،
وبمسألة حصرية السلاح بيد الدولة وانتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية.
لكن الزيارة الأميركية تأتي في وقتٍ
بالغ الحساسية، إذ تتكثّف الغارات الصهيونية على الجنوب والبقاع، وتتصاعد اللهجة التهديدية،
ما يثير مخاوف حقيقية من انزلاق لبنان إلى مواجهة جديدة، وسط عجزٍ داخلي عن لملمة الانقسامات
السياسية الحادّة.
وفي ظلّ هذه الأجواء المشحونة، يزور
بيروت غداً رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد في زيارة رسمية وصفتها مصادر سياسية
بأنها "محورية"، ليس فقط لمستوى الزائر، بل لطبيعة الرسائل التي يحملها.
وذلك في إطار جولة إقليمية تهدف إلى تجنّب انفجارٍ واسع على الجبهة اللبنانية.
السفير المصري في بيروت علاء موسى أكّد
عقب لقائه رئيس الجمهورية أنّ "المؤشرات الصادرة عن بعبدا تدل على أن الرئيس عون
يسعى بجدية إلى تحقيق مصلحة لبنان، وأن القاهرة تدعم هذا التوجّه بالكامل".
التحركان الأميركي والمصري، اللذان
يتزامنان في التوقيت، يعكسان عودة الملف اللبناني إلى واجهة الاهتمام الدولي، بعدما
طغت أزمات المنطقة على المشهد خلال الأشهر الماضية. وتبدو بيروت اليوم محطة رئيسية
في جولة اتصالات إقليمية ودولية تهدف إلى منع التصعيد وإعادة إحياء مسار التسويات السياسية.
في المقابل، تستمر حالة القلق الداخلي
من احتمالات توسّع العمليات العسكرية الصهيونية، في وقتٍ تتواصل فيه النقاشات اللبنانية
حول آلية حماية السيادة وتثبيت الاستقرار.
وبين التحذيرات والوساطات، يقف لبنان
أمام مرحلة دقيقة، عنوانها الأساسي منع الحرب وحماية التوازن الداخلي، وسط ترقّب لما
ستسفر عنه اللقاءات المقبلة في بعبدا والسراي وعين التينة، والتي يُعوّل عليها لتحديد
مسار التطورات في المرحلة المقبلة.
هكذا، يعود لبنان إلى واجهة المشهد
الدبلوماسي، ويترقب اللبنانيون، بقلقٍ وأملٍ معاً، ما ستسفر عنه اللقاءات المنتظرة،
علّ الحراك الدبلوماسي يعيد للبنان شيئاً من الاستقرار المفقود وسط عواصف المنطقة.