إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في لحظة إقليمية معقدة، وفي خضم أزمات
سياسية وأمنية واقتصادية تحاصر لبنان من كل الجهات، يزور رئيس الجمهورية العماد جوزاف
عون نيويورك، مترأساً الوفد اللبناني إلى الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة،
حاملاً معه خطاباً محمّلاً بالثوابت الوطنية، قائمٍ على الانفتاح المتوازن، والرهان
على دور اللبنانيين في الداخل والانتشار، لإعادة بناء الدولة.
الزيارة، التي شكّلت أول محطة دولية
لعون منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، جاءت مدروسة التوقيت والرسائل، بعد مشاركته في
قمة الدوحة الإسلامية العربية، والتي مهّدت لخط سياسي جديد يُراد للبنان أن يتبناه
في علاقاته الخارجية. وبين قاعات الأمم المتحدة، رسم الرئيس معالم تموضع لبناني يأمل
أن يكون أكثر اتزانًا، وأكثر قدرة على الاستفادة من موقعه الجغرافي والسياسي.
فيما عقد سلسلة اجتماعات مع رؤساء دول
ووفود عربية وغربية، وسط زخم المشاركة الدولية في الجمعية العامة، التي تصادف هذا العام
الذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة الأممية.
ركزت المباحثات الثنائية على ثلاثة
محاور رئيسية: الوضع الأمني في الجنوب، خصوصاً في ظل الاعتداءات الصهيونية المستمرة؛
الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب لبنان منذ 2019؛ ودور الجيش اللبناني في حماية
الاستقرار وضبط الحدود، إلى جانب ملف العلاقات الثنائية والدعم الدولي للبنان.
وفي تصريحاته، حرص الرئيس على التأكيد
أن أي حلّ في لبنان لا يمكن أن يُبنى دون تمكين الدولة ومؤسساتها، وخصوصاً المؤسسة
العسكرية، من لعب دورها الكامل، وهو ما يتطلب استقرارًا سياسيًا داخليًا، وضغطًا دوليًا
جادًا على العدو الإسرائيلي لوقف خروقاتها وانسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
وفي اجتماع موسّع مع عدد من رجال الأعمال
اللبنانيين في نيويورك، شدد الرئيس عون على أن النهوض بلبنان يتطلب عودة الاستثمارات،
التي لن تتحقق إلا بالاستقرار والإصلاح الحقيقي. وتناول النقاش ملفات صندوق النقد الدولي،
التحول الرقمي، البنية التحتية، واقتراع المغتربين، بالإضافة إلى دور الجيش اللبناني
في تثبيت الأمن وحماية السيادة.
عون دعا المغتربين إلى الاستثمار في
بلدهم، مشدداً على أن "الأرضية باتت جاهزة"، ومشيراً إلى أن الحكومة تعمل
بالتوازي على الإصلاح المالي والاقتصادي والقضائي، لاستعادة ثقة المجتمع الدولي.
الدعم الخارجي لن يُبنى على العواطف،
بل على إصلاحات حقيقية. في وقت تتجه فيه أنظار العالم نحو صراعات كبرى، يحاول لبنان
تثبيت نفسه على الخريطة مجدداً، من بوابة الديبلوماسية الدولية، وحضور الرئيس في قلب
الأحداث.
وبينما ينتظر الداخل نتائج الزيارة،
يبقى السؤال الأكبر: هل تكون نيويورك منصة انطلاق لمرحلة سياسية جديدة في لبنان؟ أم
تبقى مجرد محطة في روزنامة ديبلوماسية تنتهي بانتهاء الدورة الأممية؟