تقارير خاصة

التصعيد النووي بين الكيان الإسرائيلي وإيران: هل يواجه لبنان خطر التسرّب الإشعاعي؟

إعداد: أمل الزهران.

خاص: شبكة الفجر.

في ظل تصاعد التوتر بين الكيان الاسرائيلي وإيران، لم تعد المخاوف تقتصر على الصواريخ أو الطائرات المسيّرة... بل امتدّت لتطرق أبواب المفاعلات النووية، وتهدّد بكارثة قد تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة.

القصف المتبادل، الذي طال مواقع حسّاسة كمفاعل "نطنز" الإيراني ومحيط منشأة "ديمونا" في الأراضي المحتلة، أعاد إلى الواجهة شبح التسرّب الإشعاعي، وسيناريوهات شبيهة بما حدث في تشيرنوبل.

خلال الأسابيع الأخيرة، شن الكيان الإسرائيلي سلسلة من الهجمات غير المسبوقة استهدفت منشآت عسكرية ونووية في إيران، في مقدّمتها منشآت نطنز وأصفهان وبوشهر، في إطار ما وصفته بمنع طهران من الوصول إلى السلاح النووي. هذه الهجمات أتت في وقت كانت فيه الجهود الدبلوماسية مع الولايات المتحدة تمر بمنعطف حاسم.

وفي هذا الإطار، أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، عن قلقه من تصاعد التوتر العسكري بين الكيان الإسرائيلي وإيران، محذرًا من أن أي استهداف لمنشآت مثل "نطنز" أو "ديمونا" قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي خطير، خاصة إذا تعرّضت خزانات الوقود أو أنظمة التبريد للضرر.

في ظل التصعيد العسكري والتوتر الأمني الذي يسود المنطقة، يلوح في الأفق خطرٌ من نوع مختلف: خطر تسرّب الإشعاع النووي. فهل أصبح لبنان مهدداً بهذا النوع من الكوارث؟ وهل نواجه سيناريو يشبه كارثة تشيرنوبيل؟ وما هي خطط الحماية والوقاية؟

يبرز الخطر على لبنان من مصدرين رئيسيين:

1. من الجنوب، أي من الأراضي المحتلة، في حال استُهدف مفاعل ديمونا النووي، الذي يقع على بعد نحو 200 كلم من الحدود اللبنانية. هذا السيناريو يعني أن مواداً مشعة قد تصل إلى لبنان خلال ساعات أو أيام، وفقاً لحركة الرياح ونوعية التسرب.

2. ومن الشرق، أي إيران، حيث تبعد منشآتها النووية ما بين 1000 و1500 كيلومتر عن لبنان، وهو ما يقلل من حدة التأثير المحتمل في حال وقوع تسرب، بحسب الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية.

فيما أكدت الهيئة الوطنية للطاقة الذرية في لبنان، أن الوضع الإشعاعي "تحت السيطرة"، بفضل شبكة مراقبة مؤلّفة من 20 نقطة رصد ترسل بياناتها لحظة بلحظة. فيما تقوم خطة الطوارئ على ثلاث خطوات: الرصد المستمر، التنسيق مع الجهات الأمنية والصحية، والتواصل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

أما الوقاية في حال وقوع أي تسرب إشعاعي، فتبدأ بالاحتماء داخل المنازل فوراً، وتجنّب الخروج لمدة لا تقل عن 24 ساعة، مع التزام التعليمات الرسمية. فالمواد المشعة لا تُرى ولا تُشم، ولا يمكن اكتشافها إلا بأجهزة متخصصة، مما يجعل الالتزام بالإرشادات الرسمية أمرًا حاسماً لحماية الصحة العامة.

في هذا السياق، تعود إلى الأذهان كارثة تشيرنوبيل الشهيرة عام 1986 في أوكرانيا، حين أدّى انفجار مفاعل نووي إلى تسرب إشعاعي وصل إلى آلاف الكيلومترات. الرسالة التي تحملها هذه الذكرى: التسرب الإشعاعي لا يعرف حدوداً جغرافية، وقد تظهر آثاره بعد فترات زمنية طويلة.

في ضوء التصعيد العسكري المتواصل، لا يمكن استبعاد خطر الإشعاع النووي. لكن حتى الآن، تؤكد أجهزة الرصد في لبنان والدول العربية، وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عدم وجود أي إشعاعات خارج المعدلات الطبيعية، ومع ذلك، يبقى الحذر واجباً، والاستعداد مطلوباً.

 


التصعيد النووي بين الكيان الإسرائيلي وإيران: هل يواجه لبنان خطر التسرّب الإشعاعي؟