زهراء شمس الدين
تُعتبر أمراض
القلب من بين الأمراض الأكثر انتشاراً على مستوى العالم، حيث يُقدر أن حوالي 33 مليون
شخص يعانون منها. في عام 2015 وحده، تسببت أمراض القلب الروماتيزمية في وفاة 305 ألف
شخص، مع فقدان 11.5 مليون سنة من الحياة المعدلة حسب الإعاقة. يظهر هذا المرض بشكل
رئيسي في فترة الطفولة ويمكن أن يكون قاتلًا أو يؤدي إلى إعاقة مدى الحياة. يُلاحظ
أن 60٪ من هذه الوفيات كانت قبل سن الـ70، ويتوفى معظم المصابين في سن أقل من 40 عامًا،
مما يثير تحديات اجتماعية واقتصادية وإنمائية كبيرة للشباب والبالغين. يزيد خطر الإصابة
بهذا المرض عند الإناث بمقدار مرتين مقارنة بالذكور، حيث تشكل النساء ثلثي الحالات
في المستشفيات المختارة في 12 بلدًا، ويكون المرض القلبي الروماتيزمي السبب الرئيسي
لمشاكل صحة الحوامل، مسببًا أمراضًا خطيرة ووفيات أثناء الولادة.
فما هو هذا المرض؟ وكيف يمكننا الوقاية منه؟
روماتيزم القلب يُعتبر تحديًا صحيًا على مستوى العالم،
حيث يُسبب تلفًا في صمامات القلب نتيجة لنوبات الحمى الروماتيزمية الحادة. هذه النوبات
تنشأ نتيجة لرد فعل التهابي ذاتي لعدوى الحلق، وخاصةً التي تُسببها بكتيريا العقدية
من المجموعة "أ". يظهر المرض غالبًا في الطفولة ويمكن أن يكون قاتلاً أو
يؤدي إلى الإعاقة مدى الحياة، ولكن التدخل الفعّال والمبكر يمكن أن يحمي من الوفاة
المبكرة نتيجة لهذا المرض.
الأعراض والعلامات:
تتفاوت أعراض روماتيزم القلب، وتشمل ألمًا شديدًا في
الصدر، وخفقان في القلب، وضيقًا في التنفس، وتورمًا في الكاحلين والمعصمين والمعدة،
إلى جانب التعب الشديد وفقدان الوعي وارتفاع درجة الحرارة.
أسبابه:
- العدوى: الإصابة بالتهاب الحلق الناجم عن بكتيريا العقدية
تُعتبر السبب الرئيسي لروماتيزم القلب. يمكن أن يحدث ذلك بعد استقرار أعراض التهاب
البلعوم لأسابيع، ويمكن نقل العدوى عبر الاتصال المباشر أو ظروف المعيشة غير الصحية.
- اضطرابات المناعة: نتيجة للتعرض لمحفزات غير معروفة
في البيئة.
- السمنة المفرطة: زيادة الوزن بشكل كبير.
- العوامل الاجتماعية والاقتصادية: تسهم العوامل الاجتماعية
والاقتصادية، مثل سوء الإسكان ونقص التغذية والفقر، في حدوث الحمى الروماتيزمية وزيادة
حدتها. الدول ذات معدلات انتشار عالية تتحمل تكلفة اقتصادية كبيرة، خاصةً عندما تؤثر
على الشباب في أفضل سنواتهم الإنتاجية.
أما عوامل الخطورة للإصابة بالحمى الروماتيزمية وروماتيزم
القلب فهي تتلخص بما يلي:
المرحلة العمرية:
يكون الأطفال والشباب أكثر عرضة للإصابة بحمى الروماتيزم، حيث تكون الحمى الروماتيزمية
نادرة للغاية في الأطفال دون سن الثالثة والبالغين، بينما تكون شائعة أكثر في الأطفال
في سن المدرسة (من 5 إلى 15 عامًا)، وكذلك في الأفراد الذين تعرضوا لالتهابات متكررة
بالحلق، والذين أصيبوا سابقًا بحمى الروماتيزمية، حيث يكونون أكثر عرضة للإصابة مرة
أخرى بالمرض، وأثناء التعرض لأماكن التجمعات مثل المدارس ومراكز الرعاية ومرافق التدريب
العسكري.
كيف يمكن تشخيص المرض وعلاجه؟
التشخيص: عند ظهور أي أعراض، يجب الرجوع إلى طبيب مختص
لإجراء فحوصات متعددة، تشمل الفحص السريري وتحليل روماتيزم القلب، بالإضافة إلى استجواب
تاريخ العائلة لتحديد وجود حالات سابقة.
العلاج: على الرغم من عدم وجود علاج نهائي، يركز العلاج
على زيادة فرص التعايش مع المرض. يتضمن العلاج الأدوية مثل المضادات الحيوية ومضادات
الالتهاب، وقد يتطلب العلاج الجراحي في حالة تلف صمام القلب.
كيف يمكنك الوقاية منه؟
النظافة والصحة الفموية: تعتبر النظافة الشخصية ورعاية
الفم وسيلة فعّالة للوقاية من روماتيزم القلب. يُشدد على أهمية الاهتمام بنظافة الأسنان
والفم للحد من العدوى.
التوعية والتثقيف: تعزيز التوعية حول أسباب وطرق الوقاية
من روماتيزم القلب يلعب دورًا كبيرًا في الحد من انتشار المرض. يجب توفير معلومات وتثقيف
الجمهور حول العوامل الخطرة والوسائل الواجب اتخاذها للوقاية.
في الختام، يسلط روماتيزم القلب الضوء على أهمية الوقاية
والعلاج المبكر لتجنب المضاعفات الخطيرة. يتطلب الحفاظ على صحة القلب تبني سلوكيات
صحية والالتزام بالعلاجات الموصوفة، مما يساهم في تحقيق أقصى قدر من الحماية وتحسين
جودة الحياة للأفراد المتأثرين بروماتيزم القلب.