إعداد : لينا عبد الله
خاص: شبكة الفجر
من غزة إلى لبنان بات المشهد
متقاربا بشدة، قصف متواصل وأعمدة دخانية تتصاعد في كل مكان، وأعداد من الشهداء
والإصابات تشهد تسارعا في حدة ارتفاع حصيلتها،حتى النزوح، الذي لم يسبق للبنان أن
سجل نسبة مقاربة له
منذ اندلاع العدوان على غزة في 7
أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحدث مسؤولون إسرائيليون عن حرب قد تستمر لأسابيع، قبل
أن تعلن "حكومة الحرب" عن استمرارها لمطلع 2024.
وبعد 8 أشهر من اندلاعها، قال رئيس
مجلس الأمن القومي لحكومة الاحتلال إن الحرب على غزة "ستستمر حتى مطلع عام
2025 على الأقل
ولكن، ليست آماد الحرب في غزة التي
استطالت فحسب، بل تحقق أهدافها التي رددها
نتنياهو في أكثر من مناسبة لم ترى النور بعد، تلك الاهداف التي لخصها رئيس وزراء
الاحتلال بالقضاء على حماس، وإطلاق المحتجزين بالقطاع، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا
لأمن إسرائيل
ورغم أن إسرائيل، وفق مراقبين، لم
تحقق أيا من ذلك في غزة، فقد أعلنت حكومة نتنياهو في 17 سبتمبر/أيلول الجاري،
"توسيع أهداف الحرب" لتشمل إعادة سكان الشمال إلى منازلهم التي نزحوا
منها بسبب هجمات حزب الله
وبمجرد إعلان نتنياهو توسيع الحرب، تصاعدت
الأصوات من واشنطن لتقول إن "عملية عسكرية واسعة في لبنان لن تؤدي إلى تحقيق
الهدف المذكور"، غير أن نتنياهو أصر عليها وأطلقها بالفعل في 23 سبتمبر
الحالي.
وأمام خسائر جيش الاحتلال
الإسرائيلي التي يتكتم عليها في لبنان وغزة، وعدم قدرة نتنياهو على تحقيق أهدافه
المعلنة لما يقرب من عام، لم يجد إلا استهداف قادة حماس وحزب الله، ليعبر عن
انتصاره المزيف
ففيما يأمل مسؤولو صهاينة، أن تكون
الضربات الجوية المتواصلة، وعمليات الاغتيال لقادة المقاومة، كافية لإجبار
"حزب الله"، أيًّا كان قائده، على سحب قواته إلى ما وراء نهر الليطاني،
أكدت تحليلات غربية، أن تأثير تلك العمليات "مؤقت".
وهو ما ذهبت إليه صحيفة
"التلغراف" البريطانية، التي استبعدت أن تكون عمليات الاغتيال كافية
لردع حزب الله عن مواجهة الاحتلال الصهيوني، مشيرة إلى أن "عددًا كبيرًا من
قادته، الذين يلعبون أدوارًا مهمة، ما زالوا أحياء".
الصحيفة رجّحت، في تحليل نشرته في
28 سبتمبر الجاري، أن تكون دلالة استهداف اليسد حسن نصر الله "رمزية"
لأنه لا يمثل إلا "صوت التنظيم وواجهته"، أما "القرارات السياسية
والعسكرية، فإن مسؤولين خاضعين لإيران يتخذونها".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الحرس
الثوري الإيراني، سيساعد في تجديد القادة العسكريين واختيار آخرين". وهو ما
أكدته طهران في تعليقها على اغتيال السيد حسن نصر الله، حسب مصادر إعلام إيرانية،
حيث نقلت قول علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي إن "كل قائد
يستشهد سيكون له بديل".
ربما ما لم تفكر فيه إسرائيل
باغتيال قادة للمقاومة، أن مقتل القائد لا يعني بالضرورة تفكك التنظيم، فاغتيالها
عباس الموسوي، عام 1992، لم يقضِ على "حزب الله
الأمر نفسه في غزة، فاغتيال هنية،
لم يمنع "حماس" من اختيار يحيى السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي، ما عدّه
مراقبون نتيجة أسوأ بالنسبة لإسرائيل، إذ إن الأخير يدير بالفعل مقاومة غزة، وبات
يجمع معها القيادة السياسية للحركة.
هذا بالفعل ما أكده تحليل لصحيفة
"هآرتس" العبرية، الذي ذهب إلى أن "الاغتيالات، لا سيما حين تكون
بمثل هذه الوتيرة المتسارعة، لا تخدم أي غرض سياسي، ولا تقدم أي فائدة، بل إنها
على المدى البعيد، قد تؤدي لزيادة حدة الرد".
ومن يقرأ تاريخ المقاومة يدرك
بالفعل أن دمائها تتجدد مع كل استهداف تتعرض له، لتسجل بمرور الوقت تحولات جذرية
في استهدافاتها واستراتيجياتها في جبهات المواجهة.