إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
من خلف القضبان، حيث لا شمس تُطلّ،
ولا خبر يطمئن، يعيش آلاف الأسرى الفلسطينيون واقعاً مؤلماً داخل سجون الاحتلال الصهيوني.
لم تعد القضبان الحديدية وحدها ما تقيّد الأسرى، فقد أضيف إليها قيدٌ أشدّ قسوة، صور
الدمار التي تُلاحقهم داخل الزنازين، لتُحوّل عزلهم الجسدي إلى حصار نفسي لا يُحتمل.
في خطوة تكشف بوضوح عن العقلية الإجرامية
وفي مشهدٍ قاسٍ ، أقدمت الاحتلال الإسرائيلي على تعليق صور الدمار في غزة داخل زنازين
الأسرى الفلسطينيين. لكنها لم تكن مجرد صور عابرة، بل أدوات مُحكمة من أدوات الحرب
النفسية. وهو أسلوب لطالما عمد الاحتلال اتباعه لتدمير وكسر معنويات الشعب الفلسطيني،
ولكنه هذا الشعب الصامد والمقاوم لا يُكسر ولا يُهزم بهذه السهولة.
تُعمق الجراح، وتتزايد الانتهاكات،
ويتسع حجم الألم خلف قضبان سجون الاحتلال. فمنذ بدء حرب الإبادة الصهيونية ضد قطاع
غزة في 7 أكتوبر 2023، شهدت أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تنكيلًا غير
مسبوق، ما بين الإهمال الطبي، والتعذيب الجسدي والنفسي، والعزل، وحتى الإخفاء القسري.
إن ما يقوم به الاحتلال الصهيوني من
تعليق صور الدمار داخل زنازين الأسرى يعد انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والإنسانية،
خاصة تلك الواردة في اتفاقيات جنيف. تُعد هذه
الممارسة جريمة تستوجب المحاسبة على الصعيد الدولي، إذ تُعتبر حرباً نفسية ممنهجة تتعارض
مع المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع، التي تحظر المعاملة القاسية والمهينة.
ولكن هذا الجانب القانوني لا يمت للواقع
بصلة، فالاحتلال اليوم يعمل على التنكيل بالأسرى وتعذيبهم ومعاملتهم بكل قسوة متجاهلاً
كل القوانين والاتفاقيات الدولية، وهذا التصرف ليس ببعيد عن كيانٍ يرتكب حرب إبادة
جماعية دون رادعٍ.
المشهد ليس ببعيد، فخلال عملية تبادل
الأسرى قبل عودة العدوان على قطاع غزة، كان هناك فرقاً واضحاً جداً في التعامل من الأسرى.
فالأسير الفلسطيني خرج وملامحه تبدو منهكا من التعذيب بعكس أسرى الاحتلال.
ورغم دعوة المنظمات الحقوقية الدولية
إلى فتح تحقيقات دولية مستقلة في ممارسات الاحتلال، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم
التي قد تُصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية. وفي
ظل الدعم السياسي الذي يحظى به الاحتلال من بعض الدول الكبرى، تظل المحاسبة الفعلية
لهذه الانتهاكات أمراً صعباً، لكن توثيق هذه الأفعال يُعد خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة
في المستقبل.
إن ما يحدث في سجون الاحتلال ليس مجرد
انتهاك لحقوق الأسرى، بل هو جريمة ضد الإنسانية تُنفذ يومياً تحت مرأى العالم. هذه
الصور المعلّقة على جدران الزنازين ليست سوى تجسيد آخر لعقلية الاحتلال التي لا ترى
في الفلسطينيين سوى أهداف لآلاتها القمعية.
لكن مهما حاول الاحتلال كسر إرادة الأسرى،
فإنه سيظل عاجزاً عن كسر روح المقاومة.. فما نراه اليوم هو حرب على الذاكرة والكرامة،
لكنها لن تنجح في محو تاريخ الشعب الفلسطيني المناضل والصامد.