تقارير خاصة

إنهم إسرائيليون اليوم، لكنهم سيكونون أميركيين غدا"

إعداد : لينا عبد الله

خاص : شبكة الفجر

"إنهم إسرائيليون اليوم، لكنهم سيكونون أميركيين غدا"، لعل هذه العبارة تكشف عن الوجه الحقيقي لمخاوف واشنطن من قرارات المحكمة الجنائية الدولية، بحق نتنياهو ووزير الحرب السابق غالانت.

العبارة التي كتبها ريتشارد غولبرغ، الباحث والمسؤول السابق بإدراة دونالد ترامب ، على موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، وهي مؤسسة بحثية قريبة من الحكومة الإسرائيلية، تشير بوضوح الى المخاوف الامريكيا من قرارات الجنائية اليوم، على مستقبل سياسيها وعسكريها غدا.

فرغم رفض الولايات المتحدة وإسرائيل الانضمام للمحكمة، فإن واشنطن دعمت جهود الجنائية الدولية في حالات انتهاكات سابقة متعلقة بصربيا وروسيا والسودان وغيرها، لكنها بالمقابل عارضت باستمرار تمكين محكمة دولية يمكنها محاكمة القادة العسكريين والسياسيين الأميركيين بموجب القانون الدولي.

من جانبه، حذر ريتشارد غولدبرغ، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والمسؤول السابق في مجلس الأمن القومي، إدارة بايدن من خطورة خطوة المحكمة ضد قادة إسرائيل، ونبه إلى أن واشنطن قد تكون الهدف التالي للمحكمة.

وكتب غولدبرغ محذرا أن التهديد للولايات المتحدة من المحكمة الجنائية الدولية ليس افتراضيا، وأن واشنطن قد تواجه تحقيقا نشطا للمحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب مزعومة في أفغانستان، واعتبر أن الدفاع عن إسرائيل ضد خطوة المحكمة الجنائية الدولية الآن سيساعد في حماية الجنود الأميركيين والمسؤولين الحكوميين في المستقبل.

وأضاف غولبرغ محذرا "نحن بحاجة إلى التفكير بشكل أكبر من حظر التأشيرات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية؛ نحن بحاجة إلى تشويه المحكمة الجنائية الدولية نفسها وقطع وصولها إلى المال والخدمات. يجب أن نطلب من جميع حلفائنا الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية أن يعلنوا أنهم لا يعترفون بأوامر الاعتقال على أنها شرعية ولن ينفذوها".

بالاضافة الى ذلك، يؤكد مخاوف واشنطن من المواجهة الحتمية والمباشرة مع الجنائية الدولية، ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في افتتاحيتها، حول اعتبار قرار المحكمة الجنائية الدولية بمنزلة هجوم على إسرائيل والولايات المتحدة معا.

وقالت الصحيفة إن مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت "سيضرّان بقدرة جميع الديمقراطيات على الدفاع عن نفسها ضد الجماعات أو الدول الإرهابية"، على حد وصفها.

وأضافت افتتاحية الصحيفة أن "هذه السابقة ستستخدم ضد الولايات المتحدة التي هي مثل إسرائيل لم تنضم أبدا إلى المحكمة الجنائية الدولية".

ايضا، الوقائع على الأرض تشير إلى أن الكونغرس ذا الأغلبية الجمهورية، والذي تبدأ دورته الجديدة في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، سيقوم بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

حيث استبق السيناتور جون ثون، الذي سيصبح زعيم الأغلبية الجديد في مجلس الشيوخ، قرار المحكمة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ودعا مجلس الشيوخ لتمرير عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على الفور، واستكمال خطوات مشروع قانون عقوبات المحكمة الجنائية الدولية الذي أقره مجلس النواب في يونيو/حزيران الماضي.

وهو مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كما يفرض عقوبات على المحكمة إذا حققت أو حاكمت أشخاصا محميين من واشنطن أو حلفائها.

وهدد مايكل والتز، النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، والذي اختاره ترامب مستشارا للأمن القومي في إدارته الجديدة، المحكمة الجنائية الدولية، وتوعد قادتها وقادة الأمم المتحدة كذلك.

ربما من الجدير بالذكر أن معارضة واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية وصلت إلى ذروتها خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي تعهدت بفرض عقوبات على القضاة والمدعين العامين في المحكمة إذا شرعوا بالتحقيق في ما قالت عنه المحكمة إن "أفرادا من الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية ربما ارتكبوا جرائم حرب بتعذيب المعتقلين في أفغانستان عام 2016.

وبالفعل، فرضت واشنطن عقوبات على أعضاء المحكمة، وحظرت الحسابات المصرفية لرئيسة المحكمة السابقة فاتو بنسودا، لكن العلاقات بدأت بالتحسن مع بدء عهد الرئيس جو بايدن قبل ما يقرب من 4 سنوات خاصة بعد تعهده باحترام قواعد القانون الدولي، وأسقطت واشنطن العقوبات.

و اليوم، ومن خلال هذا الدعم المستمر للاحتلال الإسرائيلي، تظهر الولايات المتحدة، والتي تميل كما تتجه مصالحها، بمظهر الدولة المارقة التي لا تحترم القوانين والقرارات الدولية، فالحرب الوحشية على غزة، والتي أسفرت عن استشهاد عشرات الآلاف من الأطفال والنساء المدنيين، كشفت الوجه الحقيقي للولايات المتحدة كداعم لجرائم الحرب وللإبادة الجماعية،

ففي الوقت الذي تُجرّم فيه واشنطن أي انتهاك آخر للقانون الدولي، تجد نفسها تُبرر وتغطي جرائم إسرائيل، ما يكشف التناقض الفاضح في مواقفها.


إنهم إسرائيليون اليوم، لكنهم سيكونون أميركيين غدا"