تقرير خاص - عبدالعزيز الزغبي
مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون
مساء اليوم، تدخل البلاد رسميًّا مرحلة الشّغور الرئاسيّ، والحكوميّ إن صحّ
التعبير، مع تعذّر تشكيل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لحكومةٍ جديدة، وهو رئيس حكومة
تصريف الأعمال المستقيلة منذ الانتخابات النيابيةّ في الـ 15 من أيّار الماضي،
بحكم الدستور.
قبيل انتهاء الولاية الرئاسيّة التي امتّدت
لستّ سنواتٍ، والتي توّجت بدورها شغورًا رئاسيًّا استمرّ لسنتين ونصف السنة، وقّع
يوم أمس رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم قبول "استقالة الحكومة
المستقيلة"، وأحال رسالةً على رئيس المجلس النيابيّ نبيه بري، تطالبُ المجلس باتّخاذ
القرار المناسب حيال حكومة ميقاتي المستقيلة من جهة، وبشأن تكليفه من جهةٍ أخرى.
في هذا الصّدد، يؤكّد الخبير الدّستوري د."سعيد
مالك" أنّ "توقيع مرسوم الاستقالة لا يؤثّر دستوريًّا على حكومة تصريف
الأعمال". ويشير مالك إلى أنّ هذا المرسوم جاء "إعلانيًا وليس
إنشائيًا"، ما يعني أنّ "حكومة ميقاتي ستتابع عملها تصريفًا للأعمال
بالمعنى الضّيّق، عملًا بأحكام الفقرة الثانية من المادّة 64 من الدستور".
وفي حديثٍ لـ"شبكة الفجر"، يشدّد
مالك على أنّ "الاجتهادات الدّستوريّة ذهبت إلى ضرورة تأمين استمرارية عمل
المرفق العام ومؤسّسات الدّولة، للحيلولة دون وقوع البلاد في الفراغ، ما يوجب على
الوزراء تصريف الأعمال في وزاراتهم حتّى تشكيل الحكومة الجديدة".
وفيما أشارت معلوماتٍ صحفية إلى أنّ عددًا
من الوزارء أبلغوا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تمنّعهم عن تصريف الأعمال خلال فترة
الشغور، يكشف مالك أنّه يحقّ لميقاتي "تكليف وزراء الوكالة بتولّي تصريف
الأعمال نيابةً عن الوزراء المعتكفين"، لكنّه يلفت في السّياق نفسهِ إلى "عدم
دستوريّة قيام رئيس الحكومة بتعيين وزراءَ جدد من خارج مرسوم التكليف
والتوكيل".
وقبل ظهر اليوم، دعا رئيس مجلس النّواب نبيه
بري المجلس النيابي إلى عقد جلسةٍ عند السّاعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس،
لتلاوة رسالة رئيس الجمهوريّة ميشال عون.
إلى ذلك يرى مالك لـ"الفجر" أنّ
الأمر سيقتصر على "تلاوة الرسالة في مجلس النواب، كما حصل مع رسالة عون إلى
المجلس حول سحب التكليف من الرئيس السابق "سعد الحريري" في وقتٍ سابق، لأنّ سحب التكليف يحتاج إلى تعديلٍ دستوريّ، ولأنّ توقيع الرئيس عون على
مراسيم التكليف والتأليف يصبح لاغيًا، مساء اليوم".
رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية د."بول مرقص" يرى ما يراه
مالك أيضًا. وإذ يؤكّد مرقص لـ"الفجر" أنّ لتوقيع عون "مفعولًا سياسيًّا
يستعمله السياسيون المعارضون لفكرة انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الشغور إلى حكومة
تصريف أعمال عملاً بالمادة 62 من الدستور، والتي يُفسرّها هؤلاء على النحو المعطّل
لانتقال الصلاحيات"، يتوقّع أن "يترك الأمر مجالًا لتدعيم وجهة النظر السياسية
هذه، أكثر منه لاستحداث مفهومٍ دستوريٍّ جديد".
أسئلةٌ كثيرة تطرح نفسها هنا: هل يرضى تيار الرئيس عون بميقاتي "رئيسًا للجمهورية" بالوكالة؟ هل تكون لعبة الشارع هي
الحاكم والحكم؟ أم هل يمهّد الشغور الرئاسيّ المقبل لجمهوريّةةٍ ثالثة، تقوم على أنقاض
الصيغة اللبنانية الحاليّة؟ هذا نتركهُ للأيّام المقبلة..