إعداد:
أمل الزهران.
خاص: شبكة
الفجر.
في العالم،
يُولد الأطفال ليجدوا الحب والرعاية والتعليم، ليضحكوا، ويتعلموا، وينموا في بيئة آمنة.
لكن في غزة، يولد الأطفال ليجدوا الحرب، الدمار، والخوف. في غزة، لا يمكن للطفل أن
يحلم، لأن الطفولة هناك تُقصف، تُقتل، وتُحاصر. أطفال لا يعرفون معنى الأمان، ولا يسألون
متى تبدأ العطلة الصيفية، بل متى يتوقف القصف.
منذ بدء الحرب
الصهيونية عام 2023، دخل أطفال غزة مرحلة جديدة من المعاناة المركبة، إذ لم يعد القصف
هو وحده الخطر، بل تداعياته الممتدة على الصحة الجسدية والنفسية، والتعليم، والحق في
الحياة الكريمة.
الأرقام صادمة
والمأساة لا تنتهي، فبحسب مقطع فيديو نشرته صفحة الجزيرة مباشر، فقد بلغ عدد الأطفال
الذين استُشهدوا جراء الحرب 17,854 طفلًا، فيما تجاوز عدد المصابين 36,300 طفل، كثير
منهم يعيش اليوم بإعاقات دائمة. كما أصبح أكثر 42,311 طفلًا يتيماً، 941 رضيعاً رحلوا
قبل عامهم الأول، و7,700 رضيع مهددون بالموت حالياً بسبب نقص الرعاية الصحية.
تدمير البنية
التحتية ساهم في تعقيد المشهد، شبكات المياه خرجت عن الخدمة، فأهالي غزة بما فيهم الأطفال
حُرموا من الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، ما يرفع خطر الإصابة بالأمراض. كما أدى انقطاع
الكهرباء إلى إجبار المستشفيات على الاعتماد على المولدات، التي لا تلبّي احتياجات
الأطفال في وحدات العناية المركزة والحضانات.
الأثر النفسي
لا يقل خطورة، فبحسب وزارة الصحة في غزة، جميع أطفال غزة دون استثناء يعانون من صدمات
نفسية. فالحروب المتكررة، والنزوح، وفقدان الأحبة، خلّفت آثاراً نفسية عميقة. في غزة،
بعض الأطفال مرّوا بأربع حروب قبل أن يُكملوا عامهم العاشر.
أما على صعيد
التعليم، فقد أدت الاستهداف المباشرة للمدارس إلى تعطيل العملية التعليمية لآلاف الطلاب،
وتم تحويل بعض المدارس إلى مراكز إيواء طارئة للنازحين، ما أدى إلى اكتظاظ وفقدان البيئة
التعليمية السليمة.
من الناحية
القانونية، تنص اتفاقية حقوق الطفل (1989) على ضرورة حماية الأطفال من جميع أشكال العنف
والاستغلال، بما في ذلك أثناء النزاعات المسلحة. أما اتفاقيات جنيف لعام 1949، فتؤكد
على ضرورة حماية المدنيين، واعتبار استهداف الأطفال جريمة حرب تستوجب المحاسبة.
رغم ذلك، فإن
الواقع في غزة يُظهر تخاذلاً دولياً واضحاً في تطبيق هذه القوانين، وهو ما يجعل الأطفال
يدفعون ثمن غياب الردع والمساءلة. الطفل في غزة لا يحتاج فقط إلى الغذاء أو الدواء،
بل إلى الأمن، إلى مدرسة، إلى بيت لا يهدم، إلى نوم دون أصوات القصف.
في غزة، الطفل
ليس فقط ضحية للحرب، بل هو شاهد على غياب العدالة الدولية. إن حماية الأطفال ليست مسؤولية
قانونية فحسب، بل واجب أخلاقي على المجتمع الدولي.