2024 لم يكن هذا العام كغيره، فقد كان مليئاً بالمحطات
السياسية والعسكرية والأحداث والتطورات الميدانية التي تركت أثر في المشهد السياسي
اللبناني. لقد كان هذا العام بمثابة نقطة تحول دراماتيكية في تاريخ لبنان الحديث،
إذ وجد لبنان نفسه وسط سلسلة من الأحداث المتغايرة، التي تركت آثارًا عميقة في
كافة المجالات.
فما هي أبرز هذه المحطات؟
في مطلع العام 2024، شكلت الانتخابات الرئاسية محط
اهتمام الرأي العام اللبناني، فبعد أكثر من عام على الفراغ الرئاسي، لم يستطع المجلس
النيابي اللبناني انتخاب رئيسٍ للجمهورية، حيث كانت الانقسامات بين القوى
السّياسيّة اللّبنانيّة طاغية على المشهد السياسي.
وفي الوقت نفسه كانت الجبهة الجنوبية تشهد توترات حذرة
مع تعزيزاتٍ عسكريّة من قبل العدو الإسرائيلي. كما بدأ العدو بسياسة اغتيال
الشخصيات القيادية البارزة، حيث قام باغتيال القيادي في حماس صالح العاروري عبر
مسيرة استهدفت مكتبه في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي النصف الثاني من
العام 2024، بدأ التصعيد على الجبهة الجنوبية، حيث قام العدو بشن غاراتٍ جويةٍ مكثفة استهدفت مواقع عديدة في
جنوب لبنان، مما أدى الى نزوح أهالي القرى والبلدات الحدودية، حيث كما قام العدو
الإسرائيلي بنقل كل ثقله العسكري الى جنوب لبنان.
وفي مشهد
غير متوقع وخرقٌ استخباراتيّغير مسبوق، قام العدو بتفجير أجهزة البايجرز في 17
و18 من شهر أيلول في مختلف أنحاء لبنان. وهذا الحدث الأمني الغير مسبوق كان بمثابة
شرارة الحرب،ليبدأ بعدها الطيران الحربية للعدو الاسرائيلي بشن غارات عنيفة على
البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية وبعض المناطق في جبل لبنان.
في 27
أيلول، اغتال الكيان الإسرائيلي الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في غارةٍ
جويّة إسرائيليّة استهدفت الضاحيّة الجنوبيّة، مما أدى إلى تدمير ستة مبانٍ
بالكامل.
في تشرين
الأوّل، أعلن العدو بدأ الهجوم البري على لبنان وبدأت قوات العدو التوغل الى
الأراضي اللبنانية.
ولمدة
شهرين متواصلين، شهد لبنان قصفاً غير مسبوق دمر العديد من المباني في مختلف
المناطق اللبنانية، مما أدى الى استشهاد أكثر من 3 ألف شخص واصابة أكثر من 14 ألف
آخرين.
وبعد مرور
أكثر من عام على بدء التصعيد على الجبهة الجنوبية، وبعد جهود دولية وإقليمية،
اُعلن وقف إطلاق النار، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني، حيث تتضمن
الاتفاق نشر فرق للجيش اللّبنانيّة جنوباً، وسحب العدو الاسرائيلي قواتها تدريجيًا
خلال 60 يومًا من بدء سريانه.
ولكن العدو
لم يلتزم يوماً وعمل بشكل يومي على خرقه عبر تدمير ونسف مبانٍ في العديد من
البلدات الجنوبية.
وفي الشهر
الأخير من العام 2024، شهد الملف الرئاسي تطور إيجابية وسط مساعي سياسية، حيث دعا
رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لانتخاب رئيسٍ للجمهورية اللبنانية.
وبعد من
مرور أكثر من 13 عاماً على الثورة السورية، وخلال 12 يوماً حررت فصائل المعارضة
السورية عدد من المحافظات ليسقط بذلك النظام السوري بعد حكم حزب البعث لأكثر من
خمسين عاماً. شهد كل من لبنان وسوريا احتفالات عارمة وتجمعات حاشدة في الساحات
العامة في عدد من المدن والمحافظات السورية والمناطق اللبنانية.
لقد كان عام 2024 عامًا غير مسبوق
في لبنان، مليئًا بالتحديات السياسية والعسكرية والأمنية. ورغم الحرب التي أثرت
بشكل كبير على كافة المجالات في البلاد، يبقى الأمل في أن يكون العام المقبل عام
التغييرات الإيجابية التي لطالما انتظرها الشعب اللبناني.