ميقاتي يسأل: لماذا الإصرار على السلبية والتهديم وعرقلة الحكومة!

لفت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال رعايته الحفل الرّئيسي لمناسبة إعلان "طرابلس عاصمة للثّقافة العربيّة للعام 2024"، في قاعة المؤتمرات في معرض رشيد كرامي الدّولي في طرابلس، إلى أنّه "يُطِلُّ علينا في هذا اليوم، تاريخٌ حيٌّ نابضٌ في الوجدان، حَمَلته وحَمَته طرابلس جيلًا بعد جيل. تاريخٌ ليس من حجر وآثار فقط، بل من مشاعر ناس عاشوا في رحابها، في جيرة المساجد والكنائس، بين البحر والقلعة والأسواق، وعلى امتداد سماحة النّفوس، ومضافة اللّيمون، وشيّدوا لهم ولها تراثًا من المودّة والإيمان، ومن الفنون والعلوم والعمران، فاغتنى بهم أمسُها وحاضرُها؛ ومستقبلُها الّذي سنعمل كلّنا ليكون مشرقًا بإذن الله".

وأشار إلى أنّ "طرابلس مدينة ليس كمثلِها أخرى، فهي المسجد والكنيسة، والمدرسة والتَكية، والمكتبة والجامعة، والمستشفى وسوق الفقراء، والخانات والحِرف، والقلعة والمعرض، والنّهر والبحر، والجزر والهضاب، والأزقّة والشّوارع، والحارات المملوكيّة والأحياءُ الحديثة، وهي أيضًا المدينة وكلّ جوارها، من أعلى الثّلج إلى أدنى الملح، ومن أبعد الشّواطئ إلى أقرب المرافئ "، مركّزًا على أنّ "أهمّ ما في طرابلس نسيجُها البشري الّذي تتداخل فيه كلّ عناصر الوحدة الوطنيّة، فهي مدينة تجذبُ إليها أهلها وجوارها والأبْعَدين، وتصهرُهم في العيش الواحد، ليحقّقوا منها وفيها معنى لبنان الرّسالة".

وذكر ميقاتي أنّ "في أواسط القرن العشرين، خرجت الفيحاءُ من مجتمعِها النهري إلى عالم الحداثة. ورافق هذا الخروجَ حَراكٌ ثقافيٌّ، كان عميقَ التأثير في بُنيةِ المدينةِ وتكوينِ أهلِها، بسبب الانفتاح الكبير على الثقافات الأخرى. فأقبل الطرابلسيون على معطيات الحداثة كافةً، وسطَ بيئةٍ من سماحةِ الفكرِ واتّساعِ الرؤية وتوافر المقوِّمات، فإذا بطرابلس رائدةٌ في تجديد عناصر تراثِها".

وأكّد أنّها "بقيت في الوقتِ نفسِه محافظةً على هويتِها، فكانَ أهلُها أمناءَ على عروبتِهم، ملتزمين حتى الشهادة بقضايا العرب، وفي مقدمها قضية فلسطين وصولا إلى حرب الإبادة التي تشنُّها اليوم إسرائيل على غزة وأهلِها، والاعتداءات المتمادية على الجنوب اللبناني الذي يسعى العدو إلى جعله منطقةً محروقة مدمرة غير مأهولة، ولن يستطيع بالتأكيد".

كما اعتبر أنّ "لعلَّ أبرزَ عنوانٍ لدخول طرابلس في الطور الجديد، هذا المعرضُ الذي نحن فيه الآن، والذي يحمل اسمُ رئيس الوزراء الشهيد رشيد كرامي. صحيحٌ أن الاستفادةُ منه بالصورة الفضلى التي يتيحُها موقعُه وهندستُه ووظيفتُه، لم تتحقق ْإلى اليوم، لكنَّ من دواعي فرحِنا في لبنان، أنه أُدْرِجَ مؤخَّرًا على قائمة التراثِ العالمي لدى منظمة الأونيسكو، وهذا يلقي علينا بلا ريب، مقدارًا عظيمًا من المسؤولية للحفاظ أولا على ارث حامل اسم هذا المعرض وثانيا على هذا المعلم المعماري الفريد، واستعمالِه من ضمنِ الضوابطَ الفنيةِ والقانونيةِ المعتمدةِ، لتحقيق الوظيفةِ الوطنيةِ التي بُنيَ لأجلها".

وشدّد ميقاتي على "أنّنا لو طبقْنا قاعدةَ تجديدِ التاريخ على صعيدِ السياسة​ العامة في لبنان، لما تكررت في حياتِنا الوطنية الأزماتُ ذاتُها. فحالة التعطيل التي نعيشُها اليوم ليست سوى تاريخٍ يعيد نفسَه، مررنا بها سابقًا ونمرُّ به اليوم".

وأضاف: "بعضَ أهل السياسة عندنا لا يتّعظون من أخطاءِ الماضي، بل يكررونَها ملحقين بالوطن والمواطنين أضرارًا كبيرة، في ظلِّ ظروف دقيقة وخطيرة، إنْ لجهة الوضع المعيشي الناتج عن الحالة المالية والاقتصادية، أو لجهة الوضع الأمني الناجم عن تداعيات حرب غزة والعدوان الإسرائيلي المستمر عن الجنوب، أو لجهة الأعباء التي تلقيها مشكلة النزوح السوري على كلِّ قريةٍ ومدينةٍ وحيٍّ في لبنان".

وتساءل: "لماذا يصرُّ البعض على استعادةِ الماضي بدلًا من تجديده؟ ولماذا لا نبادرُ إلى إلغاء حالة التعطيل لكي تتمكن المؤسسات الدستورية من ممارسة دورِها، بدءًا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وصولًا إلى تفعيل آخر إدارةٍ من إدارات الدولة؟ والسؤال الاهم، لماذا الاصرار على السلبية والتهديم ووضع العراقيل امام الحكومة التي تجهد للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها في انتظار ان يكتمل عقد المؤسسات؟ ".

وأعلن ميقاتي "أنّني من طرابلس بالذات، اكرر واوكد ان لا مكان لليأس في نفوسنا، ونحن عازمون على العمل بعزم وارادة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان، والتخفيف قدر المستطاع من الآم اللبنانيين ووضع الامور على سكة التعافي".


ميقاتي يسأل: لماذا الإصرار على السلبية والتهديم وعرقلة الحكومة!