مأساة التّعليم بعد عامٍ من الحرب على لبنان... فما مصير الأساتذة والطّلاب؟

إسلام جحا - خاصّ الفجر

في أوكتوبر 2024 تمتلئ الصّفوف في المدارس بالعائلات النًازحة والفرش والأغطية، بدلًا من اكتظاظها بالطّلاب وطاولاتهم وكراسيّهم. واقعٌ فرضته الحرب التي يشنُّها الاحتلال منذ سنة.

في 23 من سبتمبر/ أيلول بدأ جيش العدوّ حملةً عسكريّةً موسّعةً على لبنان أطلق عليها اسم "سهام الشّمال"، شملت مناطق أخرى من البلاد، الأمر الذي دفع بمليون ونصف المليون لبنانيّ - بينهم طلابٌ- إلى النّزوح نحو مناطق أكثر أمنًا ضمن موجة نزوح تعدّ الأكبر في تاريخ لبنان، حسب تقديرات الحكومة اللّبنانيّة. وفي هذا الصّدد تتحدّث الارقام عن تأثر 1.25 مليون تلميذ في مدراس لبنان كافّة من الحضانة إلى الصّف الثّالث الثّانوي"، بحملة القصف المدمّر حيث تهجّر 40٪ منهم.

العام الدّراسيّ الذي كان قد بدأ في بعض المدارس الخاصّة في لبنان قبل توسّع رقعة القصف الصّهيونيّة، تمّ تعليقه بفعل المستجدّات الميدانيّة المستجدّة. وقد تحدث وزير التربية عباس الحلبي عن "مخاطر أمنيّة وعوائقَ نفسية تمنع العديد من العائلات من القبول بانتقال أولادهم على الطرق للوصول إلى صفوفهم".

وفي الوقت الذي أوضح الحلبي أنّ "يونيسيف"، أبلغت عن تغطيتها "طبع مليون و500 ألف كتاب وطنيّّ لكلّ مراحل التعليم، والاستعداد لتموين كلّ مراكز التعليم البديلة والمحروقات والإنترنت والمصاريف لسداد بوليصة التأمين لكلّ متعلم، وتمويل منصة مدرستي"، أبدى الوزير اللّبنانيّ الاستعداد لبدء العام الدراسي "حضوريًا أو عن بُعد أو مدمجا"، قبل أن يقرر إرجاءه.

ولكن السّؤال الذي يطرح نفسه، كيف سيتمّ العمل مع "اليونيسف" على تنفيذ خطتها في وقتٍ سيصعب فيه- على الاقلّ نظريًّا- العودة إلى المدارس؟. وعلّ ذلك يجيب عنه مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر الذي أكّد إنّ "أكثر من 600 مدرسة من أصل 1200 مدرسة رسميّةٍ في البلاد تستخدم كمراكز نزوح". وبالتالي فمسألة عودة الطلاب إلى التعليم لن تكون قريبة.

أمّا عن إمكان البدء فعلًا بالتعليم عن بُعد، فتواجه هذه العملية تحدياتٍ كثيرة، إذ يشتكي أولياء الأمور من صعوبة التعليم عن بعد، خصوصًا مع النزوح وترك الأجهزة الإلكترونية في المنازل أو لصعوبات مالية تحول دون توفير الإنترنت نتيحة لضرب شبكات الاتصال أو لعدم توفره في أماكن النزوح.

ولن يؤثّر قرار البدء من العام الدّراسيّ أو تأجيله على مستقبل الطلاب فقط، إنّما سيطال الأساتذة وعائلاتهم. إذ يبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي 20٪، بينما عدد الذين في الملاك 80٪، بالمقابل يبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي والذين في الملاك 30٪. أما أساتذة المهني المتعاقدون فنسبتهم 85٪ والذين في الملاك 15٪ فقط. نا يعكس حجم الكارثة الاقتصاديّة والمعيشيّة التي ستعود على الاساتذة.

إذًا، يدخل لبنان عامه الثاني على الحرب وأفق عام دراسيّ جديدٍ لا تزال مقفلةً أو غير واضحةٍ حتى الآن، بانتظار نجاح مساعي التّهدئة لكيلا يضيع مستقبل طلاب دفعوا فاتورة حربٍ لا ذنب لهم فيها


مأساة التّعليم بعد عامٍ من الحرب على لبنان... فما مصير الأساتذة والطّلاب؟