الشيخ طقوش: فعل المقاومة الذي نُمارسه من لبنان بمثابة رسالة إلى أبناء غزّة بأن لديهم ظهيراً وعوناً!

اعتبر الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ محمد طقوش أنّ عملية "طوفان الأقصى" أتت في سياق الردّ الطبيعي، باعتبار غلاف غزّة منطقة فلسطينية محتلّة، و«حماس» هي حركة تحرّر وطني فلسطيني واجبها تحرير الأرض. وقد انتظر الفلسطينيون طويلاً المبادرات والحلول، لكن يبدو أن العدو الإسرائيلي لا يفهم إلا بلغة النار.

وفي حديث خاص لصحيفة الأخبار، أشار الشيخ طقوش إلى أنّ كتائب القسام تمتلك من الإمكانات العسكرية والمقدّرات والقادة ما سيُفاجئ بأكثر من عملية «طوفان الأقصى»، وأنها لم تستخدم 15% من هذه المقدّرات حتّى الآن، كما أصبحت لديها أوراق قوّة، وأضاف أنّ ما يؤلم «حماس» هو حجم الدّمار ودماء المدنيين. أمّا على المستوى العسكري، فـالمقاومة ليست بخير فحسب، بل بألف خير.

وحول تفعيل العمل المُقاوم داخل الجماعة الإسلامية، أوضح الشيخ طقوش أنّ "قوات الفجر" تأسّست عام 1982 وبدأت تنفيذ عمليّات ضد العدو الإسرائيلي إبّان الاحتلال إلى أن تحرّرت مدينة صيدا. بعدها تابعت عملها الذي كان يمر بمراحل صعود وفتور، إلا أنّها شهدت منذ نحو سنة حالة تصاعديّة على مستوى التدريب والتأهيل والعديد. واليوم، جاءت لحظة مفصليّة. فما جرى في 7 تشرين الأوّل الماضي لم يكن عمليّة عاديّة محدودة، بل محطّة أساسيّة في مسار تحرير فلسطين. وبالتالي، فإن هذا الوقت المُناسب لتُعلن «قوات الفجر» عن نفسها وعن تنفيذ العمليّات.

ورداً على سؤال عن القدرات العسكريّة لـ«قوات الفجر»، قال الشيخ طقوش "ما من فصيل مُقاوم يُفصح عن قدراته العسكريّة. لكن، يُمكن القوْل إنّ «قوات الفجر» تمتلك أسلحة متواضعة وتطوّر نفسه، وضرباتها في الجنوب باتت تشكل قلقاً وإشغالاً للعدو".

وكشف الأمين العام للجماعة للصحيفة نفسها أنّهم "في الجماعة لاحظوا بعد إعلان «قوات الفجر» عن عملها العسكري، أن كثيرين من الشبّان المتحمّسين والمتحرّقين لما يجري في فلسطين ويحملون همّ تحرير الأراضي اللبنانيّة المحتلّة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، يُريدون أن يكون لهم نصيب في دحر المحتل ومقاومة العدو. لذلك زاروا مراكزنا والتقوا عدداً من القياديين لإبداء رغبتهم بالالتحاق بصفوفنا. وعليه، سيُعمل خلال الأسابيع القليلة المقبلة على إطار تعبئة في أجهزتنا التي يُمكن لها أن تستوعب مثل هؤلاء المنتسبين".

الشيخ طقوش أكّد في حديثه "أنّهم في حالة تصاعد لأعمال المقاومة طالما أنّ العدو لا يزال يحتل جزءاً من أراضينا ويعتدي على جزء آخر، ويقتل أهلنا في الشريط الحدودي والعرقوب. وعدد العمليّات التي قامت بها «قوات الفجر» أكثر من المُعلن، إذ نفّذنا عمليّات لم يُعلن عنها. وهذا يعود إلى تقدير المصلحة والظروف".

وعن الرسائل من تفعيل العمل المقاوم، قال الشيخ طقوش "نحن ننطلق في عملنا المُقاوم من قناعاتنا ومبادئنا وأصولنا وتربيتنا. القول إنّ الغرض إعطاء الشرعية لعمل «حزب الله»، فإن الحزب الذي يمتلك مقدّرات وإمكانات على كلّ المستويات العسكرية والسياسيّة ويمسك بالكثير من مفاصل البلد، لا يحتاج إلى أن يُعطيه أحد الشرعيّة. أمّا في ما خصّ مصلحة الحزب بأن يكون هناك فصيل سني مُقاوم ويشارك في مقاومة العدو، فمن المؤكد أن هناك مصلحة له في ذلك".

وبعد سؤاله عن إن كان وجود الجماعة في بعض المناطق السنيّة الحدوديّة سهّل العمل العسكري لحزب الله، أوضح الشيخ طقوش قائلاً "ما من شك أن حزب الله كان، على مدى عقود، يُحضّر ويُجهّز في تلك القرى التي شاء القدر أن تكون سنيّة. ولكنني أقول إن ما من مقاومة تنجح إلا إذا كانت لها حاضنة شعبيّة. وفي لحظة مقاومة ومقارعة عدو كالعدو الإسرائيلي، فمن المؤكّد أنّ الطائفة السنيّة لا يُمكن إلا أن تكون ضد العدو الغاصب، ومع خيار المقاومة ضده، بغضّ النظر عن طائفة من يمارس العمل المقاوم، فضلاً عن أنّه بات هناك اليوم فصيل مقاوم سني، ولا ضرر أو حرج في أن ينسّق مع فصيل شيعي مقاوم".

وفي السياق نفسه أكّد أنّ العمليّات التي نفّذتها «قوات الفجر» في الجنوب كانت من دون تنسيق مع حزب الله، لكنّ التواصل على مستوى المسؤولين والعناصر في السّاحة الجنوبيّة موجود ويرتفع منسوبه شيئاً فشيئاً، ومهمّته تحديد الأهداف وإيلام العدو، لكنّه أشار إلى أنّ "الأخوة في «حماس» ينسّقون مع حزب الله، كما ينسّقون معنا، على مستوى المعلومات وتقاطعها".

ولفت الشيخ طقوش إلى أنّ الجماعة ليست في أي محو، مؤكّدا أنّها (أي الجماعة) منذ تأسيسها لا تقبل بأن تضع نفسها في محورٍ من المحاور، بل هي حرة مستقلّة. تتفق مع بعض الأطراف في عناوين محدّدة وتختلف معهم في عناوين أُخرى. ولذلك، هي تتفق مع إيران في عنوان المقاومة، لكنّها قد تختلف معها في عناوين أُخرى، وهذا لا يضرّ بالعلاقة معها.

واعتبر أنّ أعظم جدوى ممّا يقوم به حزب الله أو الجماعة أو «حماس» أو «حركة الجهاد الإسلامي» أو أي فصيل لبناني أو فلسطيني، هو إشغال العدو وإرباكه ليبقى مستنفراً ويحشد نحو ثلث جيشه في القطاع الشمالي بدلاً من أن نُريحه لينقل كل هذا العديد والسلاح إلى الدّاخل، وهو ما ليس في مصلحة أهلنا في غزّة. كما أن فعل المقاومة الذي نُمارسه من لبنان هو بمثابة رسالة إلى أبناء غزّة بأن لديهم ظهيراً وعوناً، وأضاف "نتمنى أن تصل الأمة جمعاء إلى لحظة الغليان التي تجعلها تنتفض انتفاضة واحدة للانقضاض على الكيان الصهيوني الغاصب لتحرير أراضينا ومقدّساتنا. لكن اليوم هذه الأُمّة هي في حالة تسخين كالسّاحة الجنوبية الواقعة شمال الأراضي المحتلّة".

وحول إذا ما كانت عملية «طوفان الأقصى» أعادت الشارع السني إلى ثوابته في بالقضيّة الفلسطينية، قال الشيخ طقوش "إنّ الطائفة السنية أصيلة حيال القضية الفلسطينية، تاريخها وحاضرها ومستقبلها أيضاً سيثبت وفاءها إلى أبعد الحدود، فهي صادقة في انتمائها والدفاع عن قضايا الأمة. ولطالما ناصرت المدن - الحواضن السنيّة الكُبرى كبيروت وصيدا وطرابلس دائماً قضايا الأُمّة العربية والإسلاميّة، ولكن أحياناً يغلب حدث على آخر"، وإذا أكّد أنّ الطائفة السنيّة تفقد هويّتها في حال حادت عن القضيّة الفلسطينية، اعتبر أنّ الحساسيّة المفرطة التي كانت في هذا الشأن نابعة من تدخّل حزب الله في سوريا، لذلك نراهم يستحضرون هذا الأمر في سياق معركة «طوفان الأقصى»، مميّزين بين «حماس» و«حزب الله». وأنا أرى أنّ من غير المناسب استحضار مثل هذه العناوين في هذه الظروف، لأنّ أمامنا معركة مفصليّة على مستوى الأمّة".

واعتبر الأمين العام للجماعة أنّ مواقف مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان دائماً ما تكون متقدّمة ومشرّفة في ما يعني القضيّة الفلسطينية. ولم نقصده يوماً تحت عنوان هذه القضيّة إلا وكان سبّاقاصن معبتراً أنّ مبادرته في دعوة النوّاب السُّنة إلى دار الفتوى في أول أيّام الحرب على غزّة، نقطة تُسجّل له.

أما المواقف على المستوى السياسي، رأى الشيخ طقوش أنّها بدأت خجولة وليس كما هو مرجوّ، لكنّها عادت وتحسّنت شيئاً فشيئاً وتجلّت بشكلٍ أفضل على لسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال جولته على المناطق المتاخمة للحدود.

وعن موقف لبنان الرسمي، قال "كنّا نرجو من حكومتنا سقفاً أعلى من المعتمد حالياً. لا نُريد الدخول في إطلاق الأحكام على مواقف أنظمتنا العربية وحكوماتنا والمبالغة في توصيفها، لكننا نأمل منها أكثر من ذلك بكثير. ونعتقد أنّه كان من الممكن للحكومة اللبنانيّة أن تقوم بأكثر من ذلك وأن تُقارب الملف بطريقة مختلفة. وهناك بعض الأسئلة التي نضعها برسم هذه الحكومة: ماذا ينقصها كي لا تقدّم الاحتضان للنازحين من المناطق الحدوديّة وتقوم بواجباتها في مسح الأضرار جراء القصف؟ وهل حضّرت خطّة طوارئ؟".

وأشار إلى أنّ مؤسسات الجماعة والجمعيات التابعة لها تعكف على درس خطّة متكاملة لمواجهة الأزمة في حال اندلاع الحرب. وهناك جهات خارجيّة صديقة زارتنا للتنسيق في هذا الإطار، خصوصاً أننا لا نعوّل على حكومتنا بل نتّكل على ما نمتلكه من مقدّرات في مؤسساتنا وعلاقاتنا الخارجية.

وتعليقاً على الموقف العربي من العملية، قال الشيخ طقوش "نأمل أن تكون مواقف حكّامنا العرب وحكوماتنا العربية والإسلاميّة متقدّمة. تتفاوت هذه المواقف بين دولةٍ وأُخرى. ومع ذلك، نحن معنيون اليوم بعدم تهشيم بعضنا. ويجب الإضاءة على الموقف السعودي المقبول بعدما أصدرت المملكة أكثر من بيانٍ، ومنها موقف يُسجّل لها في الإشارة إلى أنّ عمليّة «طوفان الأقصى» كانت ردّة فعل طبيعيّة على الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى ومقدّساتنا. كما يجب الإضاءة على الموقف الحاسم للرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي الذي اوقف تهجير أبناء غزّة".

ولفت في السياق نفسه إلى أنّ الموقف التركي شكّل لهم صدمة في السّاعات الأولى وقال " كنا نعوّل عليه الكثير كما عوّدنا، إذ لم تكن هناك دولة إقليميّة متقدّمة في مواقفها من القضيّة الفلسطينيّة أكثر من تركيا. لكنّ الجانب التركي تدارك هذا الأمر، ويعمل منذ أسبوع على تصويب المسار، مع أن المطلوب أكثر من ذلك. كما أن الخطاب الأخير للرئيس التركي كان متقدّماً".

وحول تأثير الأحداث الجارية على الأوراق السياسية اللبنانية، قال الشيخ طقوش "إنّ الأمور ما قبل هذا الحدث ليس كما بعده، وهو ما سينعكس على الساحة السياسية اللبنانية. ولقد رأينا أن الحدث فرض نفسه لدى البعض لتجاوز الخلافات حتّى نذهب جميعاً إلى ما هو أعمق وأهم".


الشيخ طقوش: فعل المقاومة الذي نُمارسه من لبنان بمثابة رسالة إلى أبناء غزّة بأن لديهم ظهيراً وعوناً!