بسام غنوم
تشير كل الاجواء التي رافقت انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية بأكثرية 99 صوتا، ان هناك جوا ايجابيا بدأ يعيشه لبنان بعد سنوات عجاف خلال فترة الرئيس السابق ميشال عون الذي أوصل لبنان واللبنانيين الى الهاوية بكل مافي الكلمة من معنى ، حيث انهارت مؤسسات الدولة كافة ، وانتشر الفساد ليس في مؤسسات الدولة فحسب بكل في كل المجتمع بحيث أصبح لبنان شبه دولة تسيطر عليه عصابات من كل الانواع والاجناس ، وهو ما حدا بالمجتمع الدولي الى تصنيف لبنان كدولة فاشلة.
فجأة كل شيء تغير في لبنان خصوصا على الصعيد السياسي ، والقوى السياسية التي كانت منذ سنتين ونصف ترفض انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية وافقت على انتخابه رئيسا بالإجماع ، ومن استمرأ الفراغ أصبح ينادي بتطبيق الدستور والقانون ، وما كان مرفوضا طوال السنوات السابقة أصبح مقبولا ، بإختصار مثل ما يقول المثل "كأنك شلت ناس وحطيت ناس محلهم " ، البعض يرجع هذا الأمر الى نتائج العدوان الاسرائيلي على لبنان والذي ادى الى تغيير في موازين القوى على الأرض ، والبعض الآخر يقول ان سبب التغيير الحاصل حاليا في لبنان هو المتغيرات التي حصلت في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وتسلم المعارضة السورية الحكم ، وهناك من يقول ان انتخاب دونالد ترامب غير المعادلات الدولية ما دفع بإيران الى مراجعة حساباتها في لبنان خاصة والمنطقة عامة ، وان حزب الله دفع ثمن التغير في الموقف الإيراني ، وأخيرا هناك من يجمع بين كل الأمور التي حدثت خلال الشهرين السابقين ليقول ان ذلك هو الذي ادى الى حصول التغيير الحاصل في لبنان والمنطقة .
ما يعنينا نحن اللبنانيين من كل ما جرى في لبنان والعالم هو عودة الأمن والاستقرار الى لبنان وبمعنى أوضح عودة الدولة الى لبنان ، هذه الدولة التي كانت غائبة ومغيبة طوال السنوات السابقة لألف سبب وسبب وجدت طريقها الى الحياة مجددا عبر انتخاب الرئيس جوزيف عون رئيسا للجمهورية ، سواء تم ذلك عبر ضغوط من المجتمع الدولي او بسبب المتغيرات السياسية والعسكرية التي حصلت في المنطقة والعالم ، فما يهمنا نحن اللبنانيين بعد أن اختبرنا اثر غياب الدولة على حياة اللبنانيين هو عودة الدولة القوية والعادلة التي تحمي الجميع بعيدا عن الحسابات الطائفية والمذهبية لهذه الطائفة او تلك ، وقد شكل خطاب القسم الذي تلاه الرئيس جوزيف عون في المجلس النيابي بعد إعلان فوزه بالرئاسة خارطة طريق لعودة الدولة اللبنانية الى الحياة مجددا.
فهو اكد اولا على ضرورة بناء الدولة ، وعلى حصر السلاح بيد الدولة ، وعلى مكافحة الفساد وعلى اصلاح القضاء ، وعلى ضبط الحدود ومنع إنتاج وتهريب المخدرات .... الخ ، وهذه المطالب كان ينادي بها أكثرية اللبنانيين طوال السنوات السابقة لكن حيل بينهم وبينها تحت عناوين فضفاضة وكاذبة لعل أوضحها ما كان يحدث في عهد الرئيس السابق ميشال عون الذي أوصل لبنان واللبنانيين الى جهنم كما قال هو عن عهده السالف.
البعض يرى ان ما قاله الرئيس جوزيف عون مجرد كلام لا يقدم او يؤخر مع وجود هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم لبنان ، وان كل وعود الإصلاح لن يتحقق منها شيء.
لكن الواقع السياسي الجديد الذي سمح بانتخاب الرئيس جوزيف عون رئيسا للجمهورية، وتكليف القاضي نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى وهو الذي كان مرفوضا من القوى السياسية التي كانت تتحكم بلبنان مثله مثل الرئيس جوزيف عون يقول لنا عكس ذلك ، صحيح ان الطبقة السياسية الفاسدة التي اوصلت لبنان الى الخراب والدمار مازالت في مواقعها ، الا ان هذه الطبقة أصبحت ضعيفة ومفككة وخانعة للمطالب العربية والدولية ، وبكل صراحة المجتمع الدولي والعربي الذي جاء بالرئيس جوزيف عون رئيسا للجمهورية وبالقاضي نواف سلام رئيسا للحكومة وبعد المتغيرات السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة ، لن يسمح بأي حال من الأحوال بعودة الأمور الى الوراء مجددا ، ولذلك نستبشر بعهد الرئيس جوزيف عون خيرا.
بإختصار لبنان دخل مرحلة جديدة بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون رئيسا للجمهورية ، والأمل كل الأمل أن يكون عهده فاتحة خير لبنان واللبنانيين.
موقع مجلة الأمان