مخاطر تدخُّل الحزب في الحرب _ صلاح سلام


صلاح سلام

الكلام الإيراني المُسرَّب عن تدخل حزب لله في الحرب الإيرانية ــ الإسرائيلية، في حال إنضمت الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب إسرائيل، أثار مزيجاً من القلق والسخرية في آن، لأن مصدر التسريبة الإعلامية أطلق هذا الكلام على عواهنه، بعيداً عن معايير الواقع، أو التفكير المنطقي.

بيانات حزب لله وتصريحات قياداته في الأيام الأولى للحرب، إكتفت بإدانة العدوان الإسرائيلي على إيران، دون ورود أي إشارة عن إحتمال التدخل المباشر في الحرب. وبالتالي فإن وضع تدخل الحزب كقوة عسكرية مقاتلة في كفة، بمواجهة تفوّق القوة العظمى في العالم في الكفة الأخرى، يبقى مثيراً للسخرية، نظراً للفوارق الضخمة في الموازين الإستراتيجية والعسكرية بين الطرفين.

ولكن ما أثار قلق اللبنانيين في الساعات الأخيرة، الأحاديث المنسوبة لبعض قيادات الحزب بالإستعداد للتدخل العسكري في حال تعرض الإمام الخامنئي لأي إستهداف مباشر، سواءٌ من الجيش الإسرائيلي، أو من القوات الأميركية.

لم يتأخر الرد الأميركي على ما يتم تداوله حول إحتمال دخول الحزب طرفاً في الحرب من الأراضي اللبنانية، إذ حذّر الموفد الأميركي طوم باراك إثر لقائه الرئيس نبيه برّي في عين التينة أن إحتمال مشاركة حزب لله في الحرب سيكون قراراً سيئاً للغاية.

ويبدو أن التحذير الأميركي الجديد أخذ بعين الإعتبار المخاطر التي تهدد لبنان في حال دخول الحزب الحرب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

الخطر الأول يتمثل في الدمار الواسع الذي قد يلحق بالبنية التحتية، في حال ردت إسرائيل بعنف على أي عملية تنطلق من الأراضي اللبنانية. تجربة تموز 2006 لا تزال ماثلة في الذاكرة، وقد تكون هذه المرة أكثر فداحة، مع تهديدات إسرائيلية معلنة بضرب كل ما يشكل بيئة حاضنة للحزب، من الضاحية إلى الجنوب إلى البقاع.

إلى جانب الخسائر المادية والبشرية، يُخشى أن تنهار ما تبقى من ركائز الاقتصاد اللبناني، وتعريض المرافق الحيوية للقصف، مثل المطار والمرفأ ومحطات الكهرباء والمياه، وتتوقف الحركة التجارية، وتُقطع سلاسل الإمداد، ما يزيد من معاناة المواطنين في ظل واقع مالي متهاوٍ.

سياسيًا، سيتكرّس الانقسام الداخلي، إذ أن دخول البلاد في حرب بقرار من جهة واحدة يتجاوز مؤسسات الدولة، سيعمّق الشرخ الوطني، وقد يفتح الباب أمام اضطرابات داخلية تهدد الأمن والسلم الأهلي.

أما دوليًا، فلبنان مهدد بالعزلة مجددًا، مع احتمال تعليق المساعدات، وسحب السفارات، وفرض عقوبات جديدة، بما يعيد البلاد إلى دائرة الحصار والعقاب الجماعي.

في ضوء هذه المخاطر الجسيمة، تبرز الحاجة الملحَّة إلى تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وإعلاء منطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني فوق أي ارتباط خارجي أو حسابات فئوية. فليس من حق أي طرف أن يقرِّر مصير بلد بكامله، ويزج به في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، بينما هو بأمسّ الحاجة إلى فرصة سلام، تعيد بناء ما هدمته الحرب الأخيرة وسنوات الانهيار.

صحيفة اللواء
مخاطر تدخُّل الحزب في الحرب _ صلاح سلام