د. فاديا كيروز
إنتخاب العماد جوزيف عون أعاد الحياة إلى دوائر القصر الجمهوري، ودورها في الحركة السياسية، وفي الحياة العامة، وإنهاء فترة الغياب والتعطيل القسري، لأكثر من سنتين وشهرين.
ندرك تماماً أن المهمات الوطنية الجسام الملقاة على عاتق العهد الجديد ، رئيساً وحكومة كبيرة وكثيرة وشديدة التعقيد، وقد تحتاج إلى أشهر صعبة من العمل ليظهر منها الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
ولكن ثمة لفتة إنسانية ووطنية بالغة الأهمية في خضم تعقيدات الوضع العام، ، لا تتطلب الكثير من العناء، ومن شأنها أن تبرز الوجه الحضاري للعهد الجديد، خاصة بعد الكلام الذي صدر عن شعراء وأدباء ومفكرين حول خلو خطاب القسم من أية إشارة «لإهتمام ما» بالوضع الثقافي وما يعانيه المبدعين في لبنان من إهمال وفقر، وعوز لأبسط الخدمات الصحية.
المعروف أن رئيس الجمهورية يرأس إدارة البروتوكول المنوط بها منح الأوسمة لمستحيقها. وفي فترة الشغور الرئاسي إمتنع رئيس حكومة تصريف الأعمال عن التعاطي بهذه الإدارة، إلتزاماً بما ينص عليه الدستور من صلاحيات ومسؤوليات في هذه الحالة، وكان أن إكتفى بمنح عدد محدود من المكرمين بما أسماه «درع رئاسة الحكومة» . وهو شأن لا علاقة له بإدارة منح الأوسمة ونظامها المعروف.
إن مبادرة رئيس الجمهورية في تكريم عدد من المبدعين في عهده يشكل خطوة مهمة على طريق النهوض بالقطاع الثقافي والفني والفكري في لبنان، بعد سلسلة كبوات توالت على هذال قطاع الحيوي، والذي كان يومآً أحد أعمدة التميز اللبناني، ليس على المستوى العربي وحسب، بل وعلى إمتداد بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نورد ثلاث حالات تستحق الإهتمام:
سفيرة لبنان إلي النجوم المطربة الكبيرة فيروز، التي وصفها أمير الموسيقاريين محمد عبدالوهاب بمعجزة لبنانية، بلغت عامها التسعين في ٢١ تشرين الثاني الماضي، وسط صمت رسمي مهين. فهي تستحق تكريماً بمستوى مسيرتها الفنية الطويلة، وبما يُماهي تكريم الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون عندما منحها وسام جوقة الشرف الأعلى خلال زيارته لبيروت بعد إنفجار المرفأ عام ٢٠٢٠.
رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، الذي نجح في المهمة المستحيلة بإبقاء مطار الرئيس رفيق الحريري عاملاً، طوال فترة الحرب، عبر الرحلات اليومية لطائرات الميدل إيست، وسط لهيب ومخاطر القصف الزلزالي الذي تعرضت له الضاحية الجنوبية لبيروت، ومحيط المطار من مختلف الجوانب، حيث بقيت أرزة الوطن تصل إلى الفضاء العربي والأوروبي، نتيجة القرارت والخطوات الشجاعة التي اتخذها رئيس الميدل إيست في أصعب الظروف.
الشاعر الكبير طلال حيدر، صاحب المدرسة الشعرية الملهمة، والشريك الشعري في أمجاد فرقة كركلا العالمية، بادر وزير الإعلام زياد المكاري إلى تكريمه مؤخراً، ولم يكن بالإمكان أكثر من درع وزارة الإعلام. في حين أن هذا الرائد المميز في نبوغه الشعري يستحق تكريما رئاسياً في حياته، أطال لله في عمره.
صحيفة اللواء