بسام غنوم
مع احتدام المعارك في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام مع العدو الصهيوني ، ومع حجم الدمار الكبير و القتل الغير المسبوق الذي يسببه العدوان الاسرائيلي على غزة وخصوصا في صفوف الاطفال والنساء والشيوخ ، يتساءل البعض عن ما حققته حركة حماس وكتائب المقاومة الفلسطينية من نتائج في عملية طوفان الأقصى.
والذين يتسائلون ينقسمون الى قسمين : القسم الاول هو من الفلسطينيين الذين انخرطوا منذ العام 1993 في اتفاقية اوسلو ، وتبنوا ما يسمى بخيار السلام مع العدو الصهيوني من أجل اقامة سلام دائم وشامل مع اسرائيل ، واقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ومن هذا الفريق ايضا عدد من الدول العربية التي اقامت علاقات مع اسرائيل ، والدول التي تعمل حاليا على تطبيع علاقاتها مع العدو الصهيوني ، وهذه الجهات والدول كانت ومازالت تلعب دورا مباشرا وفعالا في طمس و تدمير القضية الفلسطينية وعلى كل المستويات ، وكان لها دور كبير في القمة العربية والاسلامية التي عقدت في الرياض الاسبوع الماضي حيث فشلت هذه القمة في الاتفاق على قرار يدعم الفلسطينيين في مواجهة العدوان الاسرائيلي على غزة ، واكتفت فعليا بالدعوة الى كسر الحصار وادخال المساعدات وفق ما جاء في البيان الختامي للقمة الذي دعت فيه الى : "كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود، إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
وهذا البند الذي ورد في بيان القمة لم عن يتحدث آلية كسر الحصار من قبل الدول العربية والاسلامية ، ولم يشر من قريب او بعيد الى نية او رغبة هذه الدول باتخاذ مايلزم من اجراءات لفرض وقف اطلاق للنار في غزة ، وهو ما يؤكد ان هذه الدول او بعضها لايريد ان تنتهي المعركة القائمة حاليا في غزة بإنتصار المقاومة فيها ،ـ وانه مازال يراهن على ما يسمى بعملية السلام في الشرق الاوسط.
اما القسم الثاني فهو الذي يدعم خيار المقاومة في مواجهة العدوان الاسرائيلي على غزة ، لكنه مقيد بحسابات سياسية ودولية واقتصادية معقدة ، بحيث يكتفي حاليا بتقديم دعم اعلامي كبير لعملية طوفان الأقصى ، ومساندة عسكرية محدودة للمقاومين في غزة سواء من جنوب لبنان ، او عبر عمليات يغلب عليها الطابع الاعلامي من اليمن او العراق ، فيما تغيب الجبهة السورية تماما الا من بعض المحاولات الخجولة رغم العمليات شبه اليومية التي يستهدف بها العدو الصهيوني المدن السورية وخصوصا دمشق وحلب ، والانكى من ذلك هو التأكيد الاميركي المتكرر ان سبب محدودية الرد من قبل هذه الجهات هو التهديدات الاميركية للبنان وايران ، حيث تحدثت الانباء عن ان كبير مستشاري بايدن سافر إلى لبنان الأسبوع الماضي ووجه تحذيرا قويا لحزب الله عبر مسؤولين لبنانيين.
ويضاف الى الموقف الاميركي تهديد المسؤولين الاسرائيليين بتدمير بيروت كما دمرت غزة اذا قرر حزب الله فتح معركة مع العدو الصيوني في شمال فلسطين المحتلة ، وقد أكد رئيس حكومة تصريف الاعمال الرئيس نجيب ميقاتي في حديث الى قناة الجزيرة أنّ «حزب الله يتصّرف بوطنية عالية»، مشيراً إلى أنّه «مطمئن لعقلانية الحزب»، وقال: «نحافظ على ضبط النفس، وعلى إسرائيل وقف استفزازاتها المستمرة في جنوب لبنان».
في ضوء ماسبق نقول للفريق الاول الذي اختار طريق السلام مع العدو الصهيوني ، وللفريق الثاني الذي تفاجاء بعملية طوفان الأقصى ، انه لولا عملية طوفان الأقصى في هذا التوقيت بالذات لاصبحت القضية الفلسطينية في خبر كان ، فعملية التطبيع بين اسرائيل والدول العربية وخصوصا مع المملكة العربية السعودية بلغت مرحلة الخطر الشديد بحيث كادت ان تفقد القضية الفلسطينية اهميتها ومحوريتها ، وتصبح مجرد تفصيل صغير في العلاقات مع العدو الصهيوني ، وما كان يقوم به العدو الصهيوني من اعتداءات تجاه المسجد الأقصى في الفترة الاخيرة ، وسكوت الانظمة العربية على ذلك يؤكد صوابية عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركة حماس في السابع من شهر اكتوبر الماضي ، حيث اعادت عملية طوفان الأقصى ضبط الامور ، وعاد الاهتمام بالقدس وبالقضية الفلسطينية كما كان قبل عشرات السنين سواء من قبل المجتمع الدولي والدول العربية ، وكذلك من الشعوب العربية والاسلامية ومن شعوب العالم في اوروبا واميركا الذين اصبجوا اكثر وعيا وادراكا لقضية الشعب الفلسطيني.
اما الفريق الذي يدعم ويساند على طريقته عملية طوفان الأقصى ، فعليه ان يعلم ان الشعارات اذا لم تطبق فتصبح عديمة الجدوى والتأثير ، وعملية طوفان الأقصى التي اطلقتها حركة حماس في 7 اكتوبر غيرت صورة المواجهة مع العدو الصهيوني واعادت الامل بتحرير فلسطين والقدس لكل الشعوب العربية والاسلامية بصورة عملية ، وليس فقط عبر الشعارات والمواقف التي اصبحت مستهلكة.
بالخلاصة لو لم يكن من نتائج عملية طوفان الأقصى سوى التأكيد على امكانية هزيمة اسرائيل ، و عودة الأمل بتحرير فلسطين والقدس بسواعد المقاومين لكان ذلك كافيا رغم حجم التضحيات التي قدمها ويقدمها اهل غزة وفلسطين وكتائب القسام وفصائل المقاومة ،"وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
موقع مجلة الأمان