صلاح سلام
مع إنتهاء الإستشارات غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف نواف سلام مع النواب، بدأ العد العكسي لأسرع ولادة حكومية عرفها لبنان، منذ إغتيال الرئيس رفيق الحريري.
الإيقاع الذي تسير عليه المتغيرات في المنطقة، لا يحتمل العودة إلى مماحكات المنظومة السياسية التقليدية في لبنان، وتضييع أسابيع طويلة، وأشهراً مملة في مناورات بهلوانية زحفاً وراء حقيبة وزارية معينة، أو تعنتاً بوزارة سيادية محددة.
مسلسل المفاجآت السريعة الذي بدأ بإنتخاب العماد جوزاف عون رئيساً في جلسة واحدة، وتكليف القاضي الدولي نواف سلام بتشكيل الحكومة إثر إستشارات يوم واحد، هذا المسلسل سيستمر فصولاً في الأيام القليلة المقبلة، حيث ستشهد ولادة حكومة العهد الأولى، التي ستتولى إدارة دفة الإصلاح، وتتماهى مع رئيس الجمهورية في جهود إستعادة ثقة الداخل والخارج بالدولة، وقدراتها على النهوض من جديد، في حال توفر الدعم اللازم، معنوياً ومالياً، من الدول الشقيقة والصديقة، ومن المؤسسات المالية الدولية.
لا مصلحة لأحد في إعاقة الإنطلاقة الأولى للعهد عبر إنجاز التشكيلة الحكومية في فترة زمنية قياسية، لأن محاولات العرقلة سترتد على أصحابها غضباً وإدانة من الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين إستبشروا خيراً، بعهد الإصلاح والإنقاذ، الذي يحاول قطع «حبل السرّة» مع المنظومة السياسية الفاسدة، وتنظيف الوزارات والمؤسسات العامة من أمراض الرشوة وقلة الإنتاجية، وتحقيق النقلة النوعية المنشودة لبناء دولة المواطنة، مع مستلزمات الادارة العصرية.
لا بد من الإعتراف بأن الخطوات المتلاحقة بإتجاه العودة إلى الدولة، والسير نحو ترسيخ الأمن والإستقرار، إنما تتم برعاية ومتابعة من دول الخماسية، وخاصة السعودية والولايات المتحدة، بعدما فشلت المنظومة السياسية على مدى خمس سنوات في الحد من تداعيات الإنهيارات الإقتصادية والمالية، وأخفقت في إنتخاب رئيس للجمهورية، والإستغراق في صراعات أنانية وفئوية طوال سنتين وشهرين من الشغور الرئاسي.
كما لا بد من التنويه بالمساعي التي تبذلها دول الخماسية الأخرى، مصر وقطر وفرنسا، التي يزور رئيسها مانويل ماكرون لبنان اليوم، ليؤكد دعم ومساندة المرحلة الجديدة في بلاد الأرز.
ويبدو أن «عصا ترامب»، السحرية، حتى الآن في لبنان، والغليظة في تل أبيب وغزة، بدأت تثبت فعالية توجهات الإدارة الجديدة في واشنطن، حتى قبل أن يدخل الرئيس المنتخب البيت الأبيض يوم الإثنين المقبل.
حكمة كل الأطراف اللبنانية تقضي بأن تبقى العصا الأميركية سحرية، وتجنب إستعمالاتها الغليظة!
صحيفة اللواء