الدولة اللبنانية هل تتجه الى مواجهة سياسية وأمنية مع حزب الله إذا رفض تسليم سلاحه ؟ _ بسام غنوم


بسام غنوم

تعيش الساحة اللبنانية في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني ، وذلك أولا بفعل التجاذب القائم بين رئاستي الجمهورية والحكومة مع حزب الله بخصوص رفض تسليم سلاحه للدولة ، وثانيا بسبب الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على لبنان والتي تمددت في الايام الأخيرة لتشمل مختلف المناطق اللبنانية بحجة ضرب واستهداف مواقع ومسؤولي حزب الله .

هذا الواقع السياسي والأمني بدأ يضغط بقوة على الوضع اللبناني بشكل عام ، في المساعدات الاقتصادية الملحة والضرورية للبنان من أجل الخروج من أزمته الأقتصادية وإعادة إعمار ما تهدم بفعل العدوان الاسرائيلي على لبنان ، مرتبطان بنزع سلاح حزب الله من جنوب الليطاني وشماله ايضا كما تطالب الولايات المتحدة الأميركية ، وكذلك مع عدم وجود اي سلاح خارج سلطة الدولة الشرعية.

في المقابل وبعد فترة من التهدئة السياسية والاعلامية من قبل حزب الله ، بدأ الحزب بإتخاذ منحى جديدا يشبه نوعا ما خطاباته السياسية في فترة ما قبل العدوان الاسرائيلي على لبنان في شهر أيلول 2024، خصوصا لناحية الإعلان على لسان مسؤوليه رفضه المطلق لتسليم سلاحه للدولة اللبنانية ، إلا في حال الانسحاب الاسرائيلي الكامل من جنوب لبنان وقيام جيش لبناني قادر على مواجهة اسرائيل ، وفي هذا الاطار كان لافتا تصريح أمين حزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال فيه ردا على تصريحات رئيسي الجمهورية والحكومة بحصر السلاح في يد الدولة «لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح حزب الله وسنعامله كإسرائيل»، مضيفاً أن «فكرة نزع السلاح يجب أن تحذفوها من القاموس» ، وهذا الموقف التصعيدي من قبل حزب الله بخصوص موضع السلاح استدعى ردا مباشرا من مورغان أورتاغوس، نائبة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والتي تتولى عملياً ملف لبنان فعلقت على تصريحات الشيخ نعيم قاسم عبر حسابها على «إكس» بكلمة واحدة «yawn» التي تعني «تثاؤب»، في إشارة إلى أن تهديداته تبعث على الملل ولا أحد يعتبرها جادة أو مثيرة.

هذا من الناحية السياسية وأما من الناحية الأمنية ، فإن الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان بدأت تأخذ منحى أكثر جدية وشمولا عن الفترة السابقة ، سواء لناحية طبيعة الاستهدافات التي اصبحت تطال مسؤولي حزب الله الأمنيين والعسكريين في الجنوب والضاحية والبقاع ، وكذلك قصف مواقع حزب الله في منطقة شمال الليطاني والتي وصلت اخيرا الى حد استهداف بعض المباني في ضاحية بيروت الجنوبية بحجة وجود مخازن اسلحة فيها لحزب الله .

هذا الوضع اضافة لحالة التجاذب السياسي القائم حول موضوع سلاح حزب الله بين رئيسي الجمهورية والحكومة ، يدفعنا الى التساؤل ، هل تتجه الدولة اللبنانية الى مواجهة سياسية وأمنية مع حزب الله في حال إصراره على الاستمرار بمواقفه من موضوع تسليم سلاحه للجيش اللبناني ؟

السجال السياسي القائم بين رئيسي الجمهورية والحكومة ، وحزب الله حول موضوع تسليم السلاح للدولة اللبنانية بدأ يأخذ منحى أكثر حدة ، مع إصرار رئيس الجمهورية جوزاف عون على نزع سلاح الحزب وذلك عبر حوار يجري بينه وبين قيادة حزب الله ، الذي على ما يبدو أن دعوة الرئيس عون للحوار معه حول مستقبل سلاح الحزب تختلف تماما عن الدعوات السابقة التي جرت في القصر الجمهوري أيام ولاية الرئيس ميشال سليمان في العام 2009 ، والتي كانت عبارة عن طاولة حوار ضمت عددا من القوى والشخصيات السياسية الفاعلة في البلد ، وأدت في النهاية الى بقاء الأمور على ما هي عليه .

لكن مع تغير الأمور سياسيا وأمنيا وعسكريا ، وايضا على الصعيد الإقليمي والدولي ، فما كان يصلح على طاولة الحوار في بعبدا أيام الرئيس ميشال سليمان لم يعد يصلح في ولاية الرئيس جوزاف عون في العام 2025 ، وهو ما يدركه حزب الله جيدا ، ولذلك فإن دعوة الرئيس عون للحوار حول مستقبل سلاح حزب الله جدية ومختلفة تماما عن السابق ، ولذلك من المستغرب عودة حزب الله الى سياسة التخوين والتهديد والوعيد تجاه رئيسي الجمهورية والحكومة ، فالزمن غير الزمن ، والأشخاص غير الأشخاص ، وما كان يصح في السابق غير ممكن اليوم ، وعلى حزب الله أن يدرس الوضع جيدا في ضوء المتغيرات السياسية المحلية والإقليمية أن أراد الحفاظ على قدراته ، وعلى أمن واستقرار لبنان ، وإلا فإنه قد يدفع ثمن مواقفه الجديدة من موضوع سلاحه غاليا ، خصوصا وأن إيران والولايات المتحدة الأميركية يسيران نحو اتفاق سياسي واقتصادي في الفترة القادمة ، واللقاءات التي جرت بين الطرفين في سلطنة عمان وإيطاليا تقول إن الأمور ايجابية بين الطرفين حتى الآن ، وأن إيران حريصة جدا على عدم الدخول في مواجهة عسكرية مع أمريكا في المنطقة.

فهل يقرأ حزب الله المتغيرات السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة جيدا ، ويمنع عن لبنان واللبنانيين تجرع الكأس المرة مجددا ، أو يصر على تعنته وعند ذلك لكل حادث حديث ؟

موقع مجلة الأمان

الدولة اللبنانية هل تتجه الى مواجهة سياسية وأمنية مع حزب الله إذا رفض تسليم سلاحه ؟ _ بسام غنوم