الجماعة الإسلامية في مرمى الاستهداف: حقائق في مواجهة "السرديات المعلّبة" _ وسام حجار

في توقيت سياسي بالغ الدقة، وفي ظل تحولات إقليمية كبرى، خرج علينا مقال الكاتب زياد عيتاني في منصة "أساس ميديا" ليثير جملة من المغالطات التي تتجاوز حدود النقد السياسي المشروع، لتلامس حدود التحريض الممنهج. إن قراءة متأنية لمضمون المقال تكشف عن محاولة لإعادة تدوير سرديات تتقاطع – للأسف – مع الدعاية الإسرائيلية، بهدف شيطنة "الجماعة الإسلامية" وتحميلها أوزار مشهد هو نتاج صراع دولي أكبر من الساحة اللبنانية.

انطلاقاً من حق الرد، ولتصويب البوصلة الوطنية، لا بد من توضيح النقاط التالية:

أولاً: الخيارات الوطنية لا "المغامرات السياسية

" حاول المقال شخصنة الصراع عبر استهداف الأمين العام للجماعة، الشيخ محمد طقوش، مصوراً موقف الجماعة من حرب غزة كـ"تهور". والحقيقة أن ما قامت به الجماعة لم يكن سوى استجابة طبيعية لواجب وطني وأخلاقي وعروبي في لحظة تاريخية فارقة. الجماعة لم تطرح نفسها بديلاً عن الدولة، ولا ممثلاً حصرياً للمكون السني، بل مارست دوراً دفاعياً لملء فراغ قاتل، نصرةً لقطاع يُباد، وحمايةً لجنوبٍ كُشف ظهره.

ثانياً: خطورة تبني الرواية الإسرائيلية

لعل أخطر ما تضمنه المقال هو الاستناد إلى مزاعم الاحتلال في حادثة "بيت جن" واعتبارها حقائق، رغم النفي الرسمي والقاطع من الجماعة. إن استيراد رواية العدو لتجريم فصيل لبناني يمثل سقطة مهنية وأخلاقية، فمنذ متى أصبحت بيانات أجهزة مخابرات الاحتلال مصدراً موثوقاً في الصحافة اللبنانية وللكتاب اللبنانيين؟

ثالثاً: القضاء هو الحكم في "قضية المتن

" أعاد الكاتب نبش ملف "خلية المتن" متحدثاً عن معسكرات تدريب، متجاهلاً حقيقة قضائية ساطعة: القضاء اللبناني قال كلمته وبرّأ الموقوفين، مؤكداً أن النشاط كان لا صلة له بالعمل العسكري. إن القفز فوق أحكام القضاء لتثبيت تهمة سياسية هو تجنٍّ لا يمت للتحليل بصلة.

رابعاً: المقاومة كفعل منضبط ومسؤول

إن مشاركة الجماعة في "إسناد غزة" من الجنوب لم تكن عملاً ميليشيوياً فوضوياً، بل جاءت ضمن إطارها المقاوم، وبتنسيق ميداني يهدف للدفاع لا للهجوم، وفي سياق تكاملي مع القوى المقاومة اللبنانية. أما محاولة السخرية من دماء الشهداء الذين سقطوا في مركز الإسعاف في بلدة الهبارية الحدودية اللبنانية، فهي إهانة لكل لبناني، فهؤلاء قضوا وهم يضمدون الجراح، لا وهم يهددون السلم الأهلي.

خامساً: قراءة خاطئة للموقف الأمريكي

يحاول البعض ربط العقوبات أو الضغوط الأمريكية باستهداف "السنة" أو ربط الجماعة بالمحور الإيراني. هذا تبسيط مخلّ؛ فالجماعة تنظيم لبناني سني مستقل بقراره، منفتح على الجميع، ولم يرفع سلاحه في الداخل يوماً. ما يجري في واشنطن يرتبط بحسابات جيوسياسية تهدف لإعادة هندسة المنطقة، وليس رد فعل على سلوك داخلي للجماعة.

ختاماً: نحو وعي بالمخطط الأكبر

السؤال الجوهري الذي نضعه برسم الرأي العام: لمصلحة من يتم تبني السردية الأمريكية-الإسرائيلية اليوم؟ في وقت يُحاك فيه للمنطقة مشاريع تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ودمج الكيان الصهيوني في نسيجنا، ولماذا تتحول بعض الأقلام – بوعي أو دون وعي – إلى أدوات ضغط على من يرفض هذا المسار.

إن محاولة عزل الجماعة وتشويه صورتها لن تغير من الحقائق شيئاً: الجماعة بريئة من تهمة "بيت جن"، والقضاء أنصفها في "المتن"، وموقفها من غزة وسام شرف وطني. الأجدى اليوم هو توجيه الأقلام نحو العدو الحقيقي الذي يتربص بلبنان والمنطقة، لا نحو اختلاق أعداء وهميين في الداخل.

وسام حجار


الجماعة الإسلامية في مرمى الاستهداف: حقائق في مواجهة "السرديات المعلّبة" _ وسام حجار